معاريف ـ عوفر شيلحقد ينجح العالم في وقف المشروع النووي الإيراني. وقد يقرر الرئيس الأميركي الحالي أو المقبل أن مهمته التاريخية هي منع آيات الله من الحصول على قنبلة. وقد نقف آخر الأمر وحدنا كما يعتقد الكثيرون في اسرائيل ونضطر إلى العمل. لا أحد يعلم حتى الآن.
لكن ليس من السابق لأوانه أن نبحث معاني أوسع لعملية كهذه. في أيلول 2007، أظهرت اسرائيل أن رؤيتها الوحيدة لاحتمال وجود قدرة نووية عند دولة معادية ـــــ مجرد القدرة لا الاستعداد او الرغبة في استعمالها ــــــ مشتقة مما دُرج على تسميته «مبدأ بيغن»، وهو المبدأ الذي حدده مناحيم بيغن في كلمة له بعد قصف المفاعل العراقي في 1981 حين قال: لن نسمح لأي عدو بأن يطور سلاحاً ذرياً يوجّه إلينا.
بحسب جميع التقديرات، كان بشار الأسد بعيداً جداً من قدرة ذرية حقيقية. لكن بحسب المبدأ المذكور، الوقت المناسب للعمل ضد النيّات النووية عند أي دولة عربية هو أبكر وقت ممكن. فكلما أصبحت الدولة أقرب إلى القنبلة، كانت آثار العملية نفسها أكبر، ليس فقط على الصعيد التنفيذي.
لكن هل سنتمكن الى الأبد من القضاء على أي مصنع نووي في أي مكان، قد يعطي للعدو قنبلة؟ إليكم سيناريو منطقياً: تبدأ مصر، التي امتنعت الى الآن عن تطوير قدرة ذرية مستقلة، مشروعاً نووياً يخصها، ربما رداً على المشروع الإيراني، الذي يهدّدها كما ترى بقدر لا يقل عن تهديده لإسرائيل. ستقوم اسرائيل بما تستطيع لدفع العالم إلى وقف المفاعل او آلات الطرد المركزي المصرية، لكنها لن تستطيع قصفه. الأمر نفسه ينطبق على السعودية. مع العلم أنه في العالم الذي تنشط فيه بقايا الاتحاد السوفياتي السابق وكوريا الشمالية وشبكة عبد القادر خان، لا يحتاج الأمر إلى اجتياز جميع المراحل المرهقة في الطريق إلى القنبلة.
ماذا نفعل آنذاك، حين لا يكون التصور البسيط للأمور في «مبدأ بيغن» ذا صلة؟ وماذا سيحدث في عالم لا تكون فيه الولايات المتحدة القوة العظيمة الوحيدة التي تحدد الخير والشر؟ هل الشيء الوحيد الذي نعرف القيام به هو ملاحقة أي جهد نووي في أي مكان نقرر أنه يمثّل تهديداً علينا؟ قلة هم الذين يُشغلون بهذه الأسئلة، إلا أنها قد تكون أكثر قرباً مما نتصور.
لا يعني ما تقدم أن العمل ضد إيران ممنوع. التهديد النووي الإيراني هو واقع ستجد إسرائيل صعوبة في التعايش معه. لكن الوقت قد حان لندرك أن «مبدأ بيغن» ليس نهج حياة لفترة طويلة.
إذا كانت إسرائيل تريد الامتناع عن مطاردة مرهقة، فستفشل في وقت ما، وراء كل مؤشر استخباري (ينبغي أن نتذكر أن جهد ليبيا النووي غاب عنا تماماً، وأن المشروع السوري دام لفترة أكثر من خمس سنوات من دون أن نعلم به) وعن التعلق المطلق بما تستطيع المقاتلات القيام به، عليها أن تفكر في ما يجب فعله: اجتثاث بؤر التوتر التي تعطي أعداءها ذرائع حقيقية أو وهمية للتسلح، ومناقشة أنفسنا في التداعيات الواسعة للقدرة النووية الإسرائيلية التي تمثّل ذريعة لإيران وآخرين. في الأعوام الأخيرة، تغير الموقف الإسرائيلي المعلن في المنتديات التي تُعنى بمنع انتشار الأسلحة النووية، وأصبح يشدد على رؤية الشرق الأوسط الخالي من الأسلحة النووية. ليس هذا عملياً الآن بالطبع، لكنه لا يعني أننا لن نضطر إلى العمل حيثما يجب. هذا يدلل فقط على أن من لا يغمض عينيه يدرك أن «مبدأ بيغن» لن يكون كافياً لفترة طويلة.