رام الله ــ الأخبار
“الأقصى في خطر”. عبارة تلخّص الأحداث التي شهدها محيط الحرم القدسي أمس من عمليات هدم لطريق تاريخي، قد يمهّد لحفريات إضافية، تمسّ أساسات المسجد الأقصى، بحثاً عن الهيكل المزعوم للنبي سليمان

باشرت سلطات الاحتلال الإسرائيلي أمس عمليات الهدم في طريق باب المغاربة التاريخي الملاصق للحرم القدسي، في خطوة أثارت مخاوف فلسطينية وعربية من مخططات إسرائيلية لتقويض أساسات المسجد الأقصى.
وأكد رئيس الحركة الإسلامية داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 48، الشيخ رائد صلاح، لـ“الأخبار”، أن الجرافات الإسرائيلية بدأت فعلاً بهدم الطريق المؤدي إلى باب المغاربة الملاصق لحائط البراق في الحرم القدسي.
وقال الشيخ صلاح إن “الجرافات الإسرائيلية بدأت هدم الطريق، ووفق مخططهم، وسيكملون بعد ذلك هدم غرفتين ملاصقتين لحائط البراق”. وأضاف ان “مدينة القدس محاصرة من جميع الجهات، وأبوابها مغلقة، وبشكل خاص أبواب المسجد الأقصى، وقوات مدججة بالسلاح تنتشر في محيط الأقصى والمدينة المقدسة، هناك عملية هدم للمسجد الأقصى، هذا ما يجب أن يفهمه الجميع”.
ودعا صلاح الفلسطينيين والمسلمين في “أرجاء العالم إلى الخروج في انتفاضة عارمة، لإنقاذ المسجد الأقصى من التهويد والهدم”.
بدوره، قال رئيس الهيئة الإسلامية العليا، الشيخ عكرمة صبري، لـ“الأخبار”، إن “قوات الاحتلال الإسرائيلي حوّلت مدينة القدس إلى سجن كبير، وأغلقت المدارس، وبدأت الجرافات بالتحرك نحو باب المغاربة”.
وأفاد شهود عيان بأن قوات الاحتلال قامت منذ ساعات الصباح الأولى أمس بإغلاق بوابات المسجد الأقصى، وجميع البوابات المؤدية إلى البلدة القديمة، بعدما نشرت، وبشكل مكثف، المئات من الجنود والشرطة في محيط البلدة القديمة وداخلها، وخصوصاً في محيط باب المغاربة.
وقال أحد حراس المسجد الأقصى، ويدعى عصام نجيب، لـ“الأخبار”، إن الفلسطينيين الذين تواجدوا في باحات المسجد للدفاع عنه لا يتجاوزون المئة شخص، في مقابل آلاف مؤلفة من جنود وأفراد شرطة الاحتلال الذين يغلقون مداخل المدينة ويمنعون المواطنين من الوصول إلى الأقصى. وأوضح “بدأت الجرافات الإسرائيلية، من الساعة السابعة صباحاً، بالدخول من الجهة الغربية الجنوبية للمسجد الأقصى المبارك، وباشرت بهدم التلة لتصل سلطات الاحتلال إلى مآربها الشخصية الخاصة. هم يكشفون المسجد الأقصى من الجهة الجنوبية الغربية، هناك تعزيزات رهيبة ولا يوجد أحد من الناس في الأقصى”.
ونقلت الإذاعة الإسرائيلية العامة عن الشرطة الإسرائيلية قولها إن مواجهات وقعت في مناطق متفرقة في القدس العربية، بينها مخيم شعفاط للاجئين في شمال القدس، رشق خلالها المقدسيون أفراد الشرطة بالحجارة.
وفي بيت لحم، رشق جموع من الفلسطينيين الجنود الإسرائيليين بالحجارة خارج معبد قبة راحيل، وهو موقع مقدّس يقع عند مدخل المدينة. وردّ الجنود بإطلاق الغاز المسيل للدموع.
وقبيل سفره إلى مكة لإجراء محادثات الوحدة مع حركة «فتح»، قال رئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية إن إسرائيل تريد إلحاق ضرر مباشر بالمسجد الأقصى. وناشد الفلسطينيين الاتحاد والتماسك لحماية المسجد الأقصى والأماكن المقدسة في “أرض فلسطين المباركة”.
وحذّر القيادي في حركة الجهاد الإسلامي، نافذ عزام، إسرائيل من مغبة المساس بالمسجد الأقصى، مشيراً إلى أن الرد على ذلك سيكون “قاسياً”. وقال إن “إسرائيل تحاول الاستفادة من الظروف الفلسطينية الداخلية وما يعصف بالساحة من أزمات لتنفذ مخططاتها بتهويد مدينة القدس وهدم تلة باب المغاربة، لكن عليها أن تعي عواقب تلك الفعلة”.
وأعلن الذراعان المسلحان لحركتي “الجهاد الإسلامي” و“فتح”، عن إطلاق 14 صاروخاً تجاه بلدات ومواقع إسرائيلية، رداً على أعمال التجريف قرب المسجد الأقصى، فيما هددت كتائب الأقصى بشن عمليات استشهادية.
وأعلنت الشرطة الإسرائيلية أن ثلاثة صواريخ “قسام” سقطت في جنوب إسرائيل، أصاب أحدها جدار منشأة استراتيجية في المنطقة الصناعية الواقعة جنوب مدينة عسقلان.
ونددت جامعة الدول العربية، في بيان، بالأشغال قرب المسجد الأقصى. وقال البيان إن “الأمانة العامة للجامعة العربية تتابع بقلق بالغ وغضب شديد ما تقوم به سلطات الاحتلال الإسرائيلي من عدوان متواصل وبخطوات متسارعة للإضرار بالمقدسات الإسلامية والمسيحية في مدينة القدس وإجراءات تهويد هذه المدينة المقدسة لدى الشعوب الإسلامية والمسيحية”.
وأعرب الملك الأردني عبد الله الثاني عن قلقه العميق إزاء الممارسات الإسرائيلية ضد المقدسات الإسلامية في القدس المحتلة. ونقلت وكالة الأنباء الأردنية الرسمية (بترا) عن عبد الله الثاني «إدانته الشديدة لما يحدث، مبيّناً أنه انطلاقاً من مسؤولية الأردن في الحفاظ على المقدسات الإسلامية في القدس، وفقاً لما نصت عليه معاهدة السلام بين الأردن وإسرائيل، فإن المملكة ستبذل كل الجهود مع مختلف الجهات العربية والدولية وتتخذ جميع الإجراءات الكفيلة بالحفاظ على المقدسات الإسلامية في القدس». وقال عبد الله “إن ما تقوم به إسرائيل من ممارسات واعتداءات ضد مقدساتنا الإسلامية في مدينة القدس، وخصوصاً المسجد الأقصى المبارك، يعد انتهاكاً صارخاً غير مقبول تحت أية ذرائع”.
ووجه رئيس البرلمان العربي الانتقالي، محمد جاسم الصقر، نداءً إلى البرلمانات الدولية والإقليمية والوطنية ومنظمة اليونسكو للتدخل الفوري لإنقاذ المسجد الأقصى من الجرافات الإسرائيلية. ودعا منظمة المؤتمر الإسلامي إلى عقد اجتماع عاجل لبحث الموقف الخطير في القدس المحتلة. كما دعا منظمة اليونسكو إلى التدخل الفوري لمنع تدمير التراث التاريخي والحضاري في مدينة القدس.
ورأى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن “العمليات الاستفزازية الموجهة ضد المقدسات الدينية غير مقبولة، وخصوصاً في مدينة كالقدس”.
وندد الملك المغربي محمد السادس، رئيس لجنة القدس، بعمليات الحفر. وقال إنها تستهدف “طمس معالم ورموز إسلامية وحضارية”، مطالباً الحكومة الإسرائيلية بالوقف الفوري لهذه الأعمال.
وأعرب وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط عن بالغ القلق والاستياء إزاء ما تقوم به السلطات الإسرائيلية من عمليات حفر وهدم بالقرب من حائط البراق إلى جانب المسجد الأقصى. وطالب السلطات الإسرائيلية بالتوقف الفوري عن القيام بأي نشاط أو إنشاءات في هذه المنطقة.