واشنطن ــ عمر أحمد
ينذر اتفاق حكومة الوحدة الوطنية بين حركتي «حماس» و«فتح»، الذي وقع في مكة يوم الخميس الماضي، بتباعد في المواقف بين الولايات المتحدة، التي تتبنى الموقف الإسرائيلي، ودول الاتحاد الأوروبي وروسيا، شركائها في اللجنة الرباعية الذين يسعون إلى استخدام الاتفاق مدخلاً للتعامل مع الحكومة الفلسطينية وتخفيف قيود الحصار الغربي عليها، وخصوصاً بعد تعهد الحكومة السعودية، التي رعت الاتفاق، تقديم مساعدة للشعب الفلسطيني، قدرها مليار دولار.
وفيما تستعد وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس للقيام بجولتها العاشرة في المنطقة للمشاركة في الاجتماع مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الحكومة الإسرائيلية إيهود أولمرت في التاسع عشر من الشهر الجاري، نقل مصدر فلسطيني مطّلع عن كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات قوله، بعد لقائه رايس يوم الجمعة، إن أجواء السياسة الأميركية بعد اتفاق مكة «غير إيجابية».
وسارعت رايس فور الإعلان عن اتفاق مكة إلى الاتصال بشركائها في اللجنة الرباعية، بعد التصريحات الإيجابية التي صدرت عنهم تجاه الاتفاق، لتصدر بياناً تكرر فيه شروطها التي تطالب أي حكومة فلسطينية بنبذ العنف والاعتراف بإسرائيل واحترام اتفاقيات السلام من أجل الحصول على المساعدات الغربية. لكن البيان أحجم عن إصدار حكم بشأن إذا كانت حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية الجديدة قد لبت شروطها.
وقال بيان الرباعية، الذي تولت وزارة الخارجية الأميركية إصداره الجمعة، إن «اللجنة الرباعية ترحب بدور الملك السعودي وتعرب عن الأمل في أن يسود الهدوء المنشود». وأضاف: «في انتظار تشكيل الحكومة الجديدة، تكرر اللجنة الرباعية تأكيد دعمها حكومة فلسطينية تتعهد نبذ العنف والاعتراف بإسرائيل والموافقة على الاتفاقات المعقودة والالتزامات بما فيها خريطة الطريق».
وقال مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية، طلب عدم الإفصاح عن هويته، إن «السؤال الحقيقي لحكومة الوحدة هو ما هي السياسات التي ستتبناها وكيف ستتعامل وكيف سيتم تحويل هذا الاتفاق إلى حكومة حقيقية لها سياسات حقيقية، وهل هذه الحكومة الحقيقية والسياسات الحقيقية تفي بمعايير اللجنة الرباعية. إننا سنرى، وأعتقد أن وقتاً سيمر قبل ان نعرف».
ونقلت مصادر مطلعة عن المستشار الرئاسي الفلسطيني، ياسر عبد ربه، الذي رافق عريقات في زيارته الأميركية، قوله إن «اتفاق مكة لا يقصد حل الصراع على السلطة»، مضيفاً: «إن الاتفاق يسمح لنا بشراء الوقت وبعض الاستقرار».
إلى ذلك، قالت صحيفة «واشنطن بوست»، في افتتاحيتها الرئيسية تعليقاً على اتفاق مكة، إن «الاتفاق قد ينهي الاقتتال الداخلي في غزة، ولكن لا يتوقع منه الكثير في إحراز تقدم مع إسرائيل». وأضافت أن «الهدف الفوري من الاتفاق بين فصائل فلسطينية هو وضع حد للاقتتال الذي حصد أكثر من 90 شخصاً الشهرين الماضيين». وتابعت أنه «إذا ما تحقق ذلك، فسيمنع الاتفاق على أقل تقدير نشوب حرب أهلية أخرى في الشرق الأوسط، وسط آمال سعودية بإقصاء حماس عن أي تحالف مع إيران».
وشككت الصحيفة في قدرة هذا الاتفاق على تحقيق تقدم في حل الصراع العربي ــ الإسرائيلي على مساره الفلسطيني ــ الإسرائيلي، ولا سيما أن عباس لم يبد إصراراً على اعتراف «حماس» بإسرائيل أو نبذ العنف واحترام القرارات الدولية والاتفاقيات السابقة بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل.
وأقرت «واشنطن بوست» بأن الاتفاق قد سبب إرباك السياسة الأميركية إزاء المنطقة، مشيرة إلى أن إدارة الرئيس الأميركي جورج بوش الرافضة لقبول الاتفاق الفلسطيني والمترددة في مهاجمة الحليف السعودي، الذي تعتمد عليه في حربها على إيران، تبنت موقف الصقور القاضي بـ«ننتظر ونرى».