strong>مهدي السيد
نشــر جراثيــم ســامّة فــي غــزة وعــلى الحــدود مــع سوريــا فــي الخمسينيــات

تُعدّ اليوميات التي كتبها موشيه شريت، أول وزير خارجية وثاني رئيس حكومة لإسرائيل، من أهم المصادر «لتاريخ» الدولة العبرية، بحسب قول المؤرخ الاسرائيلي توم سيغف. وهي بالتالي تحظى بصدقية كبيرة لدى الباحثين الإسرائيليين، ولا سيما لدى من يُسمون المؤرخين الجدد.
من هنا، تنبع أهمية المعلومات التي وردت في مذكرات شريت، والتي إن دلت على شيء فعلى الطابع العدواني والوحشي الذي لا يعرف حدوداً لدى العديد من القادة الصهاينة ممن تعاقبوا على المسؤولية في إسرائيل. وهذا ما ينطبق على وزير الدفاع الإسرائيلي في حكومة بن غوريون، بنحاس لافون، الذي كشفت مقتطفات من مذكرات شريت أنه (لافون) أصدر أوامر بنشر بكتيريا سامة في قطاع غزة وفي سوريا.
وكانت مذكرات شريت قد نُشرت للمرة الأولى في 1978. لكن بعد نحو ثلاثين سنة من نشرها وجدت «رابطة تركة موشيه شريت» إضبارة فيها مئات المقطوعات التي حُذفت قبل النشر، أكثرها لا أهمية له، وبعضها يستحق الاستغراب. ومع ذلك، لم يُسمح بنشر عدد من الكلمات الآن أيضاً، وفق ما ذكرت «هآرتس»، التي نشرت جزءاً منها في ملحقها الاسبوعي أمس.
جزء ملحوظ مما حُذف من النشر كتبه رئيس الحكومة موشيه شريت عن وزير الدفاع بنحاس لافون؛ تُصور هذه اليوميات لافون على أنه مجنون غير صغير وسكّير أيضاً؛ ففي الخامس والعشرين من كانون الثاني 1955، كتب شريت: «برهن لافون وجود أسس شيطانية في طابعه وفي عقله أيضاً. لقد بادر إلى أعمال فظيعة مُنعت بفضل ثورة رؤساء الاركان ـــــ مع كل استعداد هؤلاء لأي عمل مغامر». وبحسب شريت، فقد كان موشيه ديان مستعدّاً للسطو على طائرات ولاختطاف ضباط من القطارات، لكنه صُدم بما عرضه عليه لافون كي يفعله في قطاع غزة.
وأضاف شريت في يومياته أن «رئيس الاركان مردخاي مكلاف، طلب إطلاق اليد لقتل (زعيم سوريا، أديب الشيشكلي، لكنه تردد عندما أعطاه لافون أمراً بأن يقصف المنطقة الحدودية المنزوعة السلاح في سوريا، بجراثيم سامّة».
وفي التاسع والعشرين من تموز 1954، اقتبس شريت من شمعون بيريز قوله لغولدا مئير إن لافون لم يكتفِ بأمر تنفيذ اعمال إرهابية في مصر، وهو «العمل المخزي» الذي ولّد «قضية لافون»، بل أمر أيضاً «بقصف عواصم مختلفة في الشرق الاوسط»، بينها بغداد، «لكي يعمّ الفرح في الشرق الاوسط».
وفي رسالة أرسلها الى شريت في الثامن والعشرين من تشرين الاول 1960، كتب بن غوريون أن «لافون، كما يقولون لي، أمر بتفجير القنصلية البريطانية من اجل إحداث نزاع بين بريطانيا والاردن، وألغى موشيه ديان الأمر».
ومما كتبه شريت في يومياته أيضاً، أنه في الحادي عشر من آذار 1956 جيء الى القدس بوحدة مظليين وحُددت لها مهمة. كانت مهمة المظليين، بحسب قول شريت، «الانقضاض واحتلال حي الشيخ جراح. وضمن ذلك، حُدد لهم أن يسعوا في الوصول الى بيت القنصل المصري الذي يسكن هناك وأن يقتلوه». وبحسب «هآرتس»، بدا هذا الأمر «وحشياً» لوزير الخارجية شريت، فدخل على رئيس الحكومة بن غوريون الذي بدوره «لم يعلم شيئاً» عن الأمر.
وفي مثال على فبركة الأدلة من الجيش الإسرائيلي لتبرير الأعمال العدائية، ورد في أحد المقاطع أن «مسؤولين في مكتب وزارة الخارجية طلبوا من مفتش الشرطة فبركة آثار أقدام مخربين تصل إلى الحدود اللبنانية. وقالوا إن ذلك يحدث في الجيش ونفذت في الماضي أعمال شبيهة».
ويقول شريت إنه بعد ستة أسابيع من عدوان عام 1956، قال له ابنه حاييم الذي كان جندياً في الجيش: «قبل يوم أو يومين من الحرب فجّرنا بأيدينا بئر ماء في نيريم لنقول إن الفدائيين هم من قاموا بذلك من أجل تبرير رد فعلنا».