هآرتس» ـــ افتتاحية
ليس في تقرير فينوغراد أي كلمة مخففة، يمكن لرئيس الوزراء أن يتمسك بها كي يطيل ولايته.
أعضاء اللجنة، التي عيّنها هو، أغلقوا كل الثغر ولم يسمحوا له بأي فتحة هرب من المسؤولية؛ إن لم يكن الآن، فبعد شهرين حين يصدر التقرير النهائي. التلميح قيل بشكل صريح تقريباً: إذا لم تستخلص الاستنتاجات الشخصية الآن، فسترفع اللجنة توصيات واضحة في تموز. إن لم يستقل رئيس الوزراء، فبعد شهر أو شهرين سيطاح. الأمور واضحة إلى حد البداهة تقريباً نظراً إلى شدة التقرير. إذا نشبت حرب صباح غد، فلن يكون للقيادة الحالية تفويض أخلاقي لقيادتها.
إن لم يستقل رئيس الوزراء ووزير الدفاع في أعقاب استنتاجات فينوغراد، فسيكون في انعدام حسّهما دليل آخر على أنهما لم يكونا جديرين بمنصبيهما منذ البداية. كل محاولة لاقتسام القصور مع رؤساء وزراء سابقين لن تنجح.
لم يسبق أن تقرر في أي تقرير لأي لجنة في الماضي هذا المستوى من الحدة في تحميل المسؤولية الشخصية عن الفشل الذي ورد في تقرير فينوغراد. لقد طالت هذه المسؤولية كل الأبعاد الممكنة لأداء المهمات، بدءاً من التقدير والتخطيط، مروراً بالتنفيذ وبانعدام التفكير والتسرع في الرد، وصولاً إلى التحديد غير الواقعي للأهداف وإلى عدم التطابق بين العملية والواقع.
كل شيء يُفترض برئيس الوزراء أن يقوم به قبل أن يشن الحرب لم يحصل. الفشل الشامل في الأداء، والذي تقرر منذ الآن، حتى قبل وصف الحرب بأسرها، لا يسمح لإيهود أولمرت وعامير بيرتس بالبقاء في منصبيهما حتى ولو ليوم إضافي.
لجنة فينوغراد قررت أن مجرد شن الحرب كان عملاً عديم المسؤولية لأنه لم يستند إلى خطة مفصلة، ولم يتم بناءً على دراسة طبيعة الساحة اللبنانية، ولأنه لم يكن ممكناً تحقيق الأهداف التي أعلنت، ولم يُؤخذ بالحسبان تعرض الجبهة الداخلية لتساقط الصواريخ، فضلاً عن أن الحكومة دخلت إلى المعركة من دون أن تفكر في كيفية الخروج منها، وأن وزراء الحكومة صوّتوا إلى جانب قرار لم يعرفوا ولم يفهموا طبيعته وإلى أين يمكن أن يؤدي.
عندما تبين أن الجيش لا يملك رداً على الصواريخ المتساقطة على الجبهة الداخلية، لم يتم إجراء التعديلات اللازمة، كتجنيد الاحتياط مثلاً، وتدريبهم استعداداً لعملية برية واسعة. القيادة السياسية والعسكرية لم تطابق مراحل العملية العسكرية مع ما حصل على الأرض. الحرب كانت امتشاقاً من تحت الإبط، مسرحية تسرع، انعدام مسؤولية، انعدام تخطيط، من دون أهداف، من دون مرامٍ يمكن تحقيقها، من دون معرفة بالقدرة العسكرية للجيش الإسرائيلي ومن دون مسؤولية.
تقرير أخطر من ذاك الذي كتبته لجنة فينوغراد عن حرب لبنان الثانية ما كان ليكتب، حتى لو أقيمت لجنة تحقيق رسمية. يوجد في ما ورد في التقرير، بلغته الدقيقة وغير القابلة للالتباس، دليل أليم على ثقافة سلطة لامبالية، نزّاعة إلى القوة وعديمة المسؤولية الرسمية، وهي ثقافة شعر الجمهور بوجودها منذ زمن بعيد. إذا لم تُنهِ هذه الحكومة ولايتها فوراً، فسيتعمق الملل واليأس.
ردود فعل الناطقين بلسان الحكومة ومروّجيها الإعلاميين، الذين أعدّوا العدة لاستقبال صيغة مخففة من التقرير كان قد سُرب بعضها في نهاية الأسبوع الماضي، تقع اليوم على الأذن كردود فعل مختلة ومتهالكة في ضوء الصيغ القاطعة للجنة فينوغراد.