وعن سبب اتّباع الجولاني هذا التكتيك والاعتماد على «التحالف» بدلاً من اعتقال خصومه أو حتى اغتيالهم على الأرض، ترى مصادر «جهادية» مناوئة له أن زعيم «تحرير الشام» يتّبع تكتيكات عدّة في القضاء على خصومه؛ فتارة يشنّ هجمات على مقرّاتهم ويقوم باعتقال قياديّيهم، وتارة أخرى يعمد إلى تنفيذ عمليات اغتيال، وفي بعض الأحيان يلجأ إلى «التحالف»، خصوصاً إن تعلّق الأمر بشخصيات ذات تأثير في المجتمع، مثل الديري. وتُبيّن المصادر أن الأخير معروف بقوّة حجّته وقدرته على الإقناع، وله أتباع كثر، بالإضافة إلى أن خلافاً كبيراً وقع في الفترة الأخيرة بينه وبين «أبو ماريا القحطاني»، أحد أبرز مساعدي الجولاني، والذي ينتمي إلى العشيرة نفسها التي يتحدّر منها الديري (عشيرة الجبور)، الأمر الذي قد يُدخل «هيئة تحرير الشام» في دوّامة صراع عشائري في حال قامت هي باغتيال الأخير.
اليمني ما زال حيّاً بينما المستهدَف هو شخص آخر يُعتبر من أبرز خصوم الجولاني
وعلى الرغم من وقوع واشنطن في فخّ الجولاني، ترى مصادر «جهادية»، في حديث إلى «الأخبار»، أن «العلاقة» بين الأميركيين و«تحرير الشام» لن تتأثّر بسبب هذه الحادثة، خصوصاً بعد أن أثبت الرجل في مرّات عديدة سابقة ولاءه، وقدّم معلومات مكّنت الولايات المتحدة من اغتيال عدد كبير من قياديّي التنظيمات المتشدّدة، على رأسهم زعيما تنظيم «داعش» اللذان كان يختبئان في ريف إدلب، أبو بكر البغدادي، وخليفته أبو إبراهيم القرشي، معتبرة أن الرصيد الذي بات يمتلكه الجولاني يهيّئ له إمكانية تجاوُز الأمر، بل وتكراره مستقبلاً، تحت غطاء «محاربة الإرهاب»، خصوصاً أن الديري الذي اغتاله التحالف وادّعى أنه اليمني، ينشط أيضاً في صفوف «حرّاس الدين».
كذلك، ترى المصادر ذاتها أن «تحرير الشام» التي باتت تملك حظوة في أنقرة وواشنطن تُمكّنها من بسط سيطرتها المطلقة على إدلب، تتمهّل في عملية القضاء على التنظيمات «الجهادية» الأخرى، حيث تعمل على تفكيكها ببطء شديد، من أجل استثمار وجودها في التخلّص من جميع معارضي الهيئة من جهة، واستغلال عمليات القضاء على تلك التنظيمات في تمتين علاقة «تحرير الشام» بقوى عدّة، أبرزها واشنطن، التي تغضّ الطرف بشكل كامل عن الجولاني ومقاتليه الذين ينظّمون استعراضات عسكرية، ويتابعون عمليات التجنيد والتدريب، ويتمدّدون إلى ريف حلب على الرغم من تصنيفهم على لوائح «الإرهاب»، وتطارد أشخاصاً على دراجات نارية في أراضٍ زراعية لساعات في أوقات متأخّرة من الليل لاغتيالهم.