حاولت السلطة السيطرة على السوق السوداء، عبر تجنيد العاملين في تهريب السلاح وتنفيذ عمليات شراء مكثَّفة له
أمّا على المسار الثالث، فقد عمدت السلطة، بحسب المصادر، إلى «إجراء مفاوضات مع المقاومين الذين ينتمون إلى المجموعات العسكرية الناشئة في الضفة، وعلى رأسها كتيبة جنين وعرين الأسود، بهدف إقناعهم بتسليم أنفسهم ووقف العمل المقاوم ضدّ الاحتلال، وشراء الأسلحة التي بين أيديهم وإصدار عفو عنهم من قِبَل الحكومة الإسرائيلية، فيما حاولت الضغط على آخرين من خلال عائلاتهم وأقاربهم بهدف التأثير عليهم ووقف توجّههم نحو المقاومة». ولقيت السلطة، في مساراتها تلك، دعماً إسرائيلياً - إقليمياً؛ إذ عَقدت خلال العامَين الماضيين أكثر من 30 اجتماعاً تنسيقياً ومعلوماتياً مع الجانب الإسرائيلي، على مستويات مختلفة منها سياسي وأغلبها أمني، فيما جاءت الاجتماعات الإقليمية بحضور إسرائيلي وعربي وأميركي، وحملت بعداً خاصاً تَمثّل في مطالبة السلطة بدعمها اقتصادياً وأمنياً للسيطرة على حالة المقاومة في الضفة.
وعلى رغم الحرج الذي تعيشه رام الله والضغط الشعبي الذي تتعرّض له، واتّساع دائرة تأييد المجموعات المقاومة مقابل تراجع شعبية السلطة، إلّا أن قادة هذه الأخيرة لا يزالون يضغطون لإنهاء تلك المجموعات، لما يستشعرون فيها من خطر على وجودهم كونها «المشروع البديل» من مشروع التفاوض والحلّ «السلمي». وكشف استطلاع للرأي أجراه «المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية»، ما بين 7 و11 حزيران الجاري في قطاع غزة والضفة الغربية، أن غالبية الفلسطينيين يؤيّدون المقاومة المسلّحة ضدّ الاحتلال؛ إذ قال 71% من الجمهور إنهم مع تشكيل مجموعات مقاومة لا تخضع لأوامر السلطة وليست جزءاً من قوى الأمن الرسمية، مقابل 23% قالوا إنهم ضد ذلك. أيضاً، أبدى 80% معارضتهم تسليم أفراد المقاومة أنفسهم وأسلحتهم للسلطة لحمايتهم من اغتيالات الاحتلال، مقابل 16% قالوا إنهم يؤيّدون هذا «الحلّ». وفي الاتّجاه نفسه، اعتبرت أغلبية ساحقة (86%) أنه لا يحق للسلطة اعتقال أفراد المجموعات المقاومة لمنعهم من القيام بأعمال مسلحة ضدّ الاحتلال أو لتوفير الحماية لهم، مقابل 11% فقط خالفوا الرأي المتقدّم.