غزة | لا تكتفي السلطة الفلسطينية بممارسة المهمّة الموكلة إليها من قِبَل الاحتلال في ملاحقة المقاومين والمساعدة في القضاء على خلاياهم في الضفة الغربية المحتلّة، بل هي تستنكف حتى عن محاولة حماية المواطنين في مناطق «سيطرتها» في مواجهة اعتداءات المستوطنين الوحشية عليهم، وهو ما يسعّر الغضب الشعبي عليها. وخلال اليومين الماضيين، تعرّضت بلدة «ترمسعيا»، شمال شرق رام الله، لاعتداءات واسعة على أيدي المستوطنين الذين هاجموها بأسلحتهم، ما أدّى إلى استشهاد مواطن فلسطيني وإصابة 12 مواطناً، فضلاً عن إحراق قرابة 30 منزلاً وأكثر من 60 مركبة، وهو ما وقفت السلطة حياله موقف المتفرّج، رافضةً تحريك أيّ ساكن لوقفه. وفي هذا الإطار، كشفت مصادر محلّية، لـ«الأخبار»، أن «المواطنين وجّهوا نداء استغاثة إلى قيادة السلطة الفلسطينية والأجهزة الأمنية، إلّا أنهم لم يجدوا أيّ ردود منها، بل إن السلطة لم تطلب حتى من الاحتلال وقف الاعتداءات والسيطرة على القائمين بها». وأوضحت المصادر أن «الأجهزة الأمنية كان بإمكانها التنسيق مع قوات الاحتلال والوصول إلى منطقة ترمسعيا التي تقع في منطقة «ب» التي تديرها السلطة الفلسطينية، إلا أن التخاذل تَكرّر هذه المرة كما في المرات الماضية».
وإزاء ذلك، عبّر أهالي ترمسعيا عن سخطهم أمام وسائل الإعلام التي حضرت لتغطية زيارة رئيس الوزراء الفلسطيني، محمد اشتية، للبلدة، إذ أحرج أحد المواطنين، اشتية، عندما طالبه بتسليح المواطنين أو حمايتهم من هجمات المستوطنين، مذكّراً إياه بوجود سبعين ألف مسلح يتبعون الأجهزة الأمنية في الضفة. أيضاً، طالب الأهالي، الرئيس محمود عباس، بـ«التنحّي من منصبه لأشخاص أكثر كفاءة» في حال «لم يكُن على قدر المسؤولية لحماية المواطنين». وأشار الأكاديمي الفلسطيني والأسير السابق، عماد البرغوثي، بدوره، إلى أن «السلطة لا تُقدّم للمواطنين أيّ خدمات ولا أمنٍ ولا أمان في ظلّ حواجز الاحتلال المنتشرة واعتداءات المستوطنين»، مضيفاً أن «ما يتعرّض له أهالي الضفة على أيدي الاحتلال يأتي وسط تصاعد الاعتداءات من قبل أجهزة السلطة عليهم على خلفية سياسية».
في هذا الوقت، بدأت تَظهر دعوات إلى تشكيل لجان حماية شعبية في القرى والمدن الفلسطينية في الضفة، للتصدّي لاعتداءات المستوطنين وهجماتهم، فيما دعت الفصائل إلى عدم انتظار موقف السلطة والبدء فعلياً بتشكيل لجان الحماية. وفي السياق، حضّت حركة «حماس»، على لسان الناطق باسمها في مدينة القدس المحتلة، محمد حمادة، المواطنين في الضفة على «تشكيل لجان حماية خاصة بهم بشكل سريع للتعامل مع اعتداءات المستوطنين»، والتي يُفسَّر تصاعدها في الآونة الأخيرة باستشعار هؤلاء «فقدانهم الأمن بفعل عمليات المقاومة البطولية»، بحسب المختصّ في الاستيطان، جمعة التايه.