غزة | على الرغم من إعلان رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، وقف «التنسيق الأمني» مع الاحتلال، ردّاً على العدوان الإسرائيلي المستمرّ على مدينة جنين ومخيمها، لم تصل إلى الأجهزة الأمنية و«هيئة الشؤون المدنية» أيّ أوامر بوقف اللقاءات والتنسيق مع سلطات العدو، في وقت كشف فيه مسؤولون إسرائيليون عن مباحثات مع السلطة حول العملية الجارية في شمال الضفة، وإمكانية استفادة رام الله منها، وبسطها السيطرة على جنين بعد القضاء على المقاومة فيها.وبحسب مصادر في السلطة الفلسطينية تحدّثت إلى «الأخبار»، فإنه لم تَصدر توجيهات بتعليق «التنسيق الأمني»، والذي بقي أسير خطاب «أبو مازن» فقط، من دون أن يترجَم بخطوات على الأرض. وتكشف أن المباحثات بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي تواصلت في الأيام الماضية، وسط مطالبة الأوّل الأخير بالاستمرار في العملية العسكرية في جنين، حتى تكون مدخلاً للسلطة لإعادة بسط سيطرتها على المنطقة بشكل كامل، من خلال السماح لها بـ«القيام بدورها أمام المواطنين»، وبخاصة في ما يتعلّق بإعادة ترميم البنية التحتية، موضحةً أن الاتصالات جرت بين أمين سر اللجنة التنفيذية لـ«منظمة التحرير الفلسطينية» وعضو اللجنة المركزية لحركة «فتح»، حسين الشيخ، ورئيس «مجلس الأمن القومي» الإسرائيلي، تساحي هنغبي. وكان هنغبي تحدّث بنفسه عن هذه الاتصالات، مشيراً إلى أن قيادة السلطة طالبت جيش الاحتلال بالمكوث لفترة طويلة في جنين حتى نسمح لها بالسيطرة على المنطقة «أ». واستدرك بأن إسرائيل رفضت الطلب، قائلاً: «نحن نريد تقوية السلطة الفلسطينية، ولكن لدينا أيضاً مطالبات: لسنا مستعدين لتحمّل دفع أموال لقتلة الإسرائيليين. لن تكون هناك دولة فلسطينية، لكن مؤمنون بأنه من الممكن التصالح مع الأعداء». وفي حين نفت مصادر في السلطة، لوسائل إعلام فلسطينية، استمرار «التنسيق الأمني»، كشفت «القناة 13» العبرية أن التنسيق «مستمرّ بين كبار الضباط الإسرائيليين والفلسطينيين».
وهذه ليست المرّة الأولى التي لا تلتزم فيها السلطة بوقف التنسيق مع الاحتلال، إذ أعلن عبّاس وقفه عشرات المرات سابقاً، لكنه سرعان ما أوعز باستئنافه، خشية تنامي المقاومة في مناطق الضفة الغربية. والإثنين الماضي، أعلن رئيس السلطة، عقب اجتماع طارئ إثر بدء العدوان على مخيم جنين، في بيان، وقف جميع الاتصالات واللقاءات مع الجانب الإسرائيلي، والاستمرار في وقف «التنسيق الأمني». وأضاف البيان الختامي للاجتماع أن «تفاهمات العقبة وشرم الشيخ مع الاحتلال لم تعُد لها جدوى، ولم تعُد قائمة»، داعياً «جميع الأجهزة والهيئات الفلسطينية إلى أخذ دورها في مهمة الدفاع عن الشعب الفلسطيني». إلا أنه مع تطوّر العدوان على جنين، وتوجّه المقاومين من غير منطقة لنصرة المدينة ومخيمها، اعتقلت الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة قائد «كتيبة جبع - سرايا القدس»، مراد ملايشة (34 عاماً)، ومرافقه محمد براهمة، على أحد حواجز الأمن الوطني قرب طوباس شمال شرق الضفة الغربية. وكشفت عائلة ملايشة، الأسير المحرّر الذي أمضى 12 عاماً في سجون العدو والذي يطارده الاحتلال منذ مدّة، أن ابنها أبلغ عناصر الأمن الفلسطينيين على أحد الحواجز أثناء إيقافه أنه مطارَد لتفادي اعتقاله، إلّا أن ضابطاً في السلطة أصرّ على اعتقاله وتسليمه لجهاز المخابرات العامة في طوباس، مؤكدةً أن ابنها دخل في إضراب عن الطعام إلى حين الإفراج عنه من دون قيد أو شرط. واحتجاجاً على رفض جهاز المخابرات الإفراج عن قائد الكتيبة، ونقله إلى سجن أريحا، أشعل محتجون، ليل الإثنين - الثلاثاء، مركزاً للشرطة الفلسطينية في بلدة جبع جنوب جنين، وذلك بعدما أطلق عناصر الشرطة النار تجاه المتظاهرين الذين ردّوا بإلقاء زجاجات حارقة.