بدائل أميركية
تواصلت الإدارة الأميركية، في شهر آذار من العام الجاري، مع عدد من الحكومات العربية في المنطقة، وسلّمتها دعوة إلى اجتماع بعيد عن الأضواء في عمّان في 21 آذار 2023، على أن يُعقد على مستوى المبعوثين الخاصين حول سوريا. وحدّدت واشنطن أهداف الاجتماع بتنسيق جهود الإغاثة بعد الزلزال الذي ضرب سوريا، وخلق مناخ تعاطف عام مع الشعب السوري، وشدّدت على ضرورة عدم ربط المساعدات الإنسانية بإعادة الإعمار المحظورة أميركياً حتى إشعار آخر. كما أبدت الاستعداد للعمل مع الدول التي تتواصل مع النظام السوري لتشجيعها على استخدام تأثيرها من أجل الحصول على «تنازلات» من دمشق. كذلك، أبلغ الجانب الأميركي، المدعوّين، أن النظام السوري لم يقُم بما هو مطلوب لإعادة سوريا إلى «جامعة الدول العربية». والجدير ذكره، هنا، أن الدعوة الأميركية شملت دولاً أوروبية عدّة، ولا سيما بريطانيا وألمانيا وفرنسا، إلى جانب تركيا والسعودية ومصر والإمارات والعراق وقطر والأردن، فيما سجّل عدد من الدول العربية تحفّظاته على اللغة التي صيغت بها الدعوة، خاصة لجهة اعتبارها أن عودة سوريا إلى الجامعة لم تتوفّر شروطها بعد.
كانت قد ظهرت إشارات إلى تحوّل في الموقف السعودي المناهض للنظام السوري عام 2019
في المقابل، أكّد دبلوماسي مصري في واشنطن، أمام دبلوماسي خليجي، أن إعادة سوريا إلى «الحضن العربي» تُعدّ من أولويات مصر في المنطقة. لكن يُستشفّ من مصادر متقاطعة أن الموقف المصري من هذه المسألة أحاطه بعض الفتور في وقت من الأوقات. وقال دبلوماسي روسي في واشنطن، لدبلوماسي خليجي، إن السعودية والإمارات بادرتا إلى طرح أفكار تتعلّق بسوريا وعودتها إلى الجامعة العربية خلال زيارة قام بها وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، إلى المنطقة في آذار 2021. وأضاف أن الجانب الروسي رتّب لقاء بين رئيس مكتب الأمن الوطني السوري اللواء علي مملوك، ومسؤولين سعوديين. كذلك، أبلغ السفير الروسي لدى سلطنة عمان، ديمتري دوغادكين، سفيراً عربياً، أن وزير الخارجية الروسي لمس خلال هذه الجولة موقفاً إيجابياً من جانب الإمارات، وعدم ممانعة سعودية تجاه عودة سوريا إلى «الجامعة العربية»، في مقابل رفض قطري وموقف مصري غير متشجع. وربط السفير موقف القاهرة هذا، واقترابه آنذاك من موقف قطر، باستثمارات قطر المتزايدة في مصر.
وكانت قد ظهرت إشارات إلى تحوّل في الموقف السعودي المناهض للنظام السوري عام 2019، من بينها امتناع السعودية عن التصويت على مشروع قرار غربي حول حالة حقوق الإنسان في سوريا في مجلس حقوق الإنسان في آذار 2019، وقد علّق مندوب قطر أمام عدد من الدبلوماسيين على ذلك بالقول إن السعودية تستعدّ لاستئناف علاقاتها الدبلوماسية مع سوريا، بهدف التأثير على أيّ عملية انتخابية قد تجري فيها مستقبلاً. أمّا الانعطافة الإماراتية حيال دمشق فقد بدأت في أواخر 2018، حين أعادت أبو ظبي افتتاح سفارتها هناك. ويومها، قال أنور قرقاش، وزير الدولة للشؤون الخارجية في الإمارات، في تغريدة له، إن الأزمة السورية بحاجة إلى مقاربة واقعية جديدة، داعياً إلى دور عربي لإنهاء العنف والقتال.
وخلال لقاء بين ملك الأردن، عبدالله الثاني، ووزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، في 26 أيار 2021، قال الأول إن بلاده تواجه تداعيات اقتصادية صعبة جراء الوضع الحالي في سوريا، وقد يكون الوقت مناسباً لبلورة رؤية جديدة بحيث تتمّ إعادة العلاقات تدريجياً مع دمشق، مع مطالبتها بتغيير طبيعة علاقاتها بطهران، وفق ما روى مسؤول في لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي لدبلوماسيين عرب في واشنطن. وكانت مديرة شؤون العراق وسوريا في مجلس الأمن القومي الأميركي، زهرة بيل، قالت لدبلوماسيين من دول الخليج، في ربيع العام الفائت، إن بلادها ستسمح للشركات الخاصة في الولايات المتحدة والدول «الصديقة» والمنظمات غير الحكومية، بالعمل في مشاريع الصحة والإسكان والتعليم في المناطق الخارجة عن سلطة الحكومة السورية، وتحديداً تلك الخاضعة للقوات الكردية شمال شرق سوريا، وكذلك الخاضعة للسيطرة التركية في إدلب. وقال أحد مسؤولي ملف سوريا في الخارجية الأميركية، جيف جونغ، إنه في نطاق المبادرة المُشار إليها، ستحظى هذه الشركات بإعفاءات من العقوبات الأميركية.