موسكو | قال وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، خلال لقاء مع المسؤولين الأتراك في أنقرة في شباط الماضي، إن عودة العلاقات بين تركيا وسوريا لن تحقّق للأولى مطالبها الأمنية بشأن تحرّكات القوات الكردية. وأضاف أن واشنطن على استعداد للبحث في آلية ثنائية مشتركة لتلبية هذه المطالب، وفق ما نقل مصدر في السفارة الأميركية في أنقرة إلى عدد من السفراء العرب. وقال مسؤول الشؤون السياسية في السفارة، للسفير الأردني في تركيا، مطلع هذا العام، إن واشنطن طلبت من أنقرة أمرين: عدم التطبيع مع النظام السوري، والتوقف عن مهاجمة الأكراد في شمال سوريا، لكنّ الجانب الأميركي يدرك أنه لا يستطيع ممارسة الكثير من الضغوط على الجانب التركي لأنه يحتاج إليه في ملفّات أخرى. وأشار إلى أن تركيا تحوّلت إلى ملاذ آمن لروسيا لتجنّب العقوبات الغربية الناتجة من الحرب في أوكرانيا، وهي تحقّق منافع مالية من استيراد الغاز الروسي الذي تعيد تصديره إلى دول أوروبية.ووفق ما سرّبه دبلوماسيون عرب معتمدون في عمّان العام الماضي، فإن الإدارة الأميركية تسعى لتنفيذ خطّة في محافظة السويداء، تقوم على إدارة المحافظة من قِبل السكّان المحليين، على غرار منطقة شرق الفرات التي يديرها الأكراد. وقال هؤلاء الدبلوماسيون إن هذه الخطّة سوف تخدم إسرائيل والأردن، لجهة تحويل الجنوب السوري إلى منطقة عازلة، كما هو الحال في الشمال السوري بالنسبة إلى تركيا. وبحسب تقرير دبلوماسي، فإن السفير الروسي في أنقرة، أليكسي يرخوف، ذكر أمام سفراء عرب معتمدين في تركيا، أن الولايات المتحدة في صدد إعادة تنظيم استراتيجيتها في سوريا، ومن مؤشّرات ذلك إعادة تشكيل فصيل «مغاوير الثورة» في التنف، وتسميته «قوات سوريا الحرة». وفي الإطار ذاته، قال مدير دائرة الشرق الأوسط في الخارجية الروسية، ألكسندر كينشاك، لسفير خليجي في موسكو، إن المشروع الأميركي في سوريا غير واضح المعالم ويعزّز تقسيم البلاد. ووصف كينشاك المعارضة السورية بأنها مفكّكة، قائلاً إنه ربّما من الأفضل التفاوض مباشرة مع الدول الراعية لها بدلاً من التفاوض معها.
السفير الروسي في أنقرة: الولايات المتحدة في صدد إعادة تنظيم استراتيجيتها في سوريا


وكان دبلوماسي أردني قد نقل عن مسؤول بلاد الشام في مكتب وزير الخارجية المصرية، محمد عاطف، أن وزيرَي خارجية مصر والسعودية اتفقا خلال اجتماع لجنة المتابعة والتشاور السياسي بين البلدين بداية العام الجاري، على دعم أيّ جهد من شأنه مساعدة سوريا في استعادة سيطرتها على أراضيها كافة، وذلك تعقيباً على عملية التطبيع بين سوريا وتركيا برعاية روسيا. وذكر المصدر المصري أن سيطرة تركيا على أجزاء من الشمال السوري تشكّل مصدراً لتجنيد المرتزقة للقتال في ليبيا حيث يوجد حالياً نحو 13 ألف مرتزق سوري، مضيفاً أن مصر تتطلّع إلى اتّخاذ النظام السوري خطوات من شأنها إرساء قاعدة وطنية، لأن ذلك يسهم في منع استغلال السوريين كمرتزقة من قِبَل تركيا.
أمّا وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، فقد سبق له أن أبلغ السفراء العرب المعتمدين في موسكو، أنه من غير الطبيعي استعادة العلاقات بين تركيا وسوريا قبل تطبيع العلاقات بين الدول العربية وسوريا، مشدّداً على أهمية مشاركة الدول العربية في «مسار أستانا» من أجل خلق توازن بموازاة الدور التركي، مشيراً إلى مناقشات جدّية روسية - إيرانية - صينية لتعزيز الاقتصاد السوري. وفي السياق نفسه، نُقل عن السفير الروسي في دمشق، ألكسندر إيفيموف، قوله لممثّلين في سفارات عربية في دمشق، إن الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، هو من طرح فكرة التقارب مع سوريا لأسباب عدة، من ضمنها السعي لكسب مزيد من الأصوات في الانتخابات التركية التي جرت أخيراً. ولفت إلى أن أحد شروط أنقرة لتطبيع العلاقات مع دمشق، إقامة منطقة أمنية في سوريا بعمق 30 كلم، معتبراً أن هناك إمكانية لتقليص هذه المسافة في المفاوضات بين البلدين. ورأى أن مغادرة الأميركيين الأراضي السورية هي المفتاح لحلّ المعضلة الأمنية، وأن حلّ الأزمة الاقتصادية سيتحقّق بعودة الأراضي السورية إلى سلطة الحكومة. ولفت إلى أن مبادرة المبعوث الأممي، غير بيدرسون، بشأن سوريا غير واقعية، مقدّراً أن الغرب لن يرفع العقوبات عن هذا البلد.