الحسكة | منذ نهاية الأسبوع الماضي، يشهد ريفا دير الزور الشرقي والشمالي، الخاضعان لسيطرة «قوات سوريا الديموقراطية» (قسد)، حَراكاً عسكرياً متصاعداً للأخيرة وللأميركيين، وصولاً إلى القرى الواقعة على سرير نهر الفرات، والمحادِدة لمناطق سيطرة الجيش السوري وحلفائه. وخلق الحَراك المشار إليه أجواءً من التصعيد، وخصوصاً في ظلّ تزامنه مع استقدام «قسد» و«الأسايش» تعزيزات عسكرية كبيرة في اتجاه أرياف دير الزور، انطلاقاً من الحسكة وعين العرب والرقة، مع تمركزها بشكل رئيس في بلدة هجين ومحيط بلدة ذيبان، فضلاً عن الحديث عن قيام «قسد» والأميركيين بتفكيك الألغام في خطوط التماس الفاصلة مع مناطق سيطرة الجيش السوري، وردم أنفاق لفتح طرقات في اتجاه تلك المناطق. وتَرافق هذا التحشيد مع استقدام «التحالف الدولي» تعزيزات عسكرية تشمل أسلحة ومعدات وذخائر إلى قاعدتَي «العمر» و«كونوكو» في ريفَي دير الزور الشمالي والشرقي، على مدار ثلاثة أيام متواصلة، وذلك بعد تنفيذه تدريبات مشتركة مع «قسد» في القاعدتين المذكورتين. ومع اكتمال وصولها، انتشرت الأرتال على امتداد ريف دير الزور الشرقي، الممتدّ من مركدة في ريف الحسكة الجنوبي، مروراً بمشارف نهر الفرات، وصولاً إلى الباغوز المقابلة لمدينة البوكمال في أقصى الحدود السورية - العراقية. وفي هذا السياق، توضح مصادر مقرّبة من «الإدارة الذاتية»، في حديث إلى «الأخبار»، أن «قسد استقدمت التعزيزات العسكرية، لسحب كامل حواجز مجلس دير الزور العسكري، واستبدالها بعناصر من الأسايش، من دون أن تكون التعزيزات مرفقة بأسلحة ثقيلة أو متوسطة»، مضيفةً إن «قسد برّرت خطوتها بأن مهمة حفظ الأمن في المدن والبلدات هي من مهمة الأسايش والأمن العام، ولم تَعُد هناك حاجة إلى وجود حواجز لمجلس دير الزور ووحدات حماية الشعب (ypg) في المنطقة، بعد نحو أربعة أعوام من السيطرة عليها». وتتابع المصادر أن «تلك الخطوة تمّت بالتنسيق مع القوات الأميركية، وبناءً على مطالب شعبية، من أجل إعادة عناصر المجلس إلى ثكناتهم العسكرية في المنطقة». وإذ بيّنت أن هذه الإجراءات «ستُطبّق على كامل الريف الخاضع لسيطرة قسد في دير الزور»، فقد نفت «وجود أي نوايا هجومية على مناطق سيطرة الجيش السوري». أمّا بشأن التعزيزات الأميركية في ريف دير الزور، فتوضح المصادر أنها «دفاعية وليست هجومية»، وتهدف إلى «دعم الدفاعات عن القواعد، في ظلّ وجود معطيات لدى الأميركيين عن نوايا تصعيدية ضدّهم انطلاقاً من مناطق سيطرة الحكومة السورية، غربي نهر الفرات».
سُجّل استقدام «قسد» و«الأسايش» تعزيزات عسكرية كبيرة في اتجاه أرياف دير الزور


من جهتها، رأت مصادر ميدانية أن «قسد أرادت من تحرّكها باتجاه مناطق انتشار مجلس دير الزور العسكري، منع أيّ تنسيق أو تواصل بين المجلس والتحالف الدولي، من دون التنسيق معها، لكون المجلس أحد التشكيلات العسكرية التابعة لها»، مضيفةً إنها بذلك «تحاول قطع الطريق على الأميركيين لتشكيل أيّ جسم عسكري في مناطقها، والحيلولة دون خلق أيّ بديل لقواتها على الأرض في مناطق سيطرتها، لكون خطوة كهذه تهدّد حالة الأمن والاستقرار في كل جغرافيّة سيطرتها». وكان القيادي في «قسد»، والناطق باسم «لواء الشمال الديموقراطي»، محمود حبيب، قد اعتبر، في تصريحات إعلامية، أن «الحديث عن إغلاق المنطقة من البوكمال إلى التنف استعداداً لحرب مقبلة، ليس هناك ما يدعمه على أرض الواقع»، معتبراً أن «ما يُقال عن تشكيل تحالفات عشائرية وعسكرية، هنا وهناك، مجرد تفصيلات لا تؤشّر إلى حرب محتملة». وأضاف: «لو كانت قوات التحالف تسعى فعلاً إلى انتزاع مناطق سيطرة الإيرانيين، فهذا يتطلب جهداً وتحضيرات مختلفة عما يجري الحديث عنه حالياً، لكن حتى الآن لا نرى مثل هذه التحضيرات».



«التحالف» يستعرض شرق حلب... تبريراً لوجوده
استهدفت طائرة مسيّرة أميركية، ظهر الجمعة الماضي، شخصاً يقود دراجة نارية على طريق قرية بزاعة في ريف حلب الشرقي، الخاضع لسيطرة الفصائل المسلّحة المدعومة تركياً، لتعلن القيادة المركزية الأميركية، بعد أقلّ من 48 ساعة، أنها «تمكّنت من قتل زعيم تنظيم داعش شرق سوريا، المدعو أبو أسامة المهاجر». إلّا أن مصادر مطلّعة كشفت، لـ«الأخبار»، أن المستهدفَ «قياديّ محلي سابق في تنظيم داعش، يدعى همام ياسر الخضر، وكان يعمل مع عناصر فرقة بزاعة، ويقطن في قرية بزاعة في ريف حلب الشرقي، وأصله دمشقي»، نافية أن «يكون الشخص المستهدف أمير التنظيم شرق سوريا». وإذ أشارت إلى أن المستهدف «لا يملك أيّ صفة قيادية في البنية العسكرية الحالية لداعش»، فقد أوضحت أن «التحالف لم يعُد يستطيع الحصول على صيد ثمين، رغم امتلاكه مخبرين كثيرين على الأرض»، مرجّحةً أن الأخير «يتعرّض لتضليل من قبل الفصائل المسلّحة، وعلى رأسها هيئة تحرير الشام، التي تعمل على تزويده بنشاط وتحرّكات عناصر وقيادات سابقة في التنظيم غير وازنة». ورأت المصادر أن «التحالف يرى أن من مصلحته استهداف أي شخص يعمل مع التنظيم، لإثبات كفاءة استخباراته في المنطقة، وتبرير وجوده باستمرار ملاحقة داعش في سوريا».