غزة | في محاولة للالتفاف على المطالبات المسبقة من قِبَل الفصائل الفلسطينية بتهيئة الأجواء قبيل عقد أيّ لقاء جديد للأمناء العامين للفصائل، وجّهت المخابرات المصرية دعوات إلى الأخيرة لزيارة القاهرة، والمشاركة في الاجتماع المنويّ عقده نهاية الشهر الجاري، بناءً على دعوة من رئيس السلطة، محمود عباس. وأكدت فصائل مختلفة، لـ«الأخبار»، وصول دعوات إليها من الجانب المصري لعقد لقاء فلسطيني قيادي عالي المستوى، فيما نفت مصادر في حركتَي «حماس» و«الجهاد الإسلامي» تلقّيهما دعوات باسم عباس لحضور اجتماع القاهرة، مؤكدةً في الوقت نفسه تسلّمها إيّاها من الجانب المصري. وأشارت المصادر إلى أن الحركتَين في صدد الردّ على الدعوة المصرية خلال الأيام المقبلة، وسط مطالبات من قِبلهما بأن تقوم حركة «فتح» والسلطة بتهيئة الأجواء في الضفة الغربية لبدء الحوار، مع ما يتطلّبه ذلك من وقف «التنسيق الأمني» والإفراج عن المعتقلين السياسيين. ونقلت عن الفصائل اعتقادها بأن السلطة تلمّست حقيقة أن الأخيرة لن تتجاوب مع دعوتها، ولذا التفّت عبر المصريين للضغط على الفصائل للمشاركة في اللقاء.وعلى خلفية ذلك، ستُجري «حماس» و«الجهاد»، ومعهما «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين»، لقاءات ومباحثات حول الدعوة، والمطلوب لتحقيق التوافق الوطني، وإلزام عباس بشكل مسبق بالاتفاق على برنامج واضح للاجتماع، وخطة وطنية للخروج من المأزق الحالي الذي تمرّ به القضية الفلسطينية. وعلمت «الأخبار» أن أغلب الفصائل لا ترفض الاجتماع الذي دعا إليه عباس، لكنها تعبّر عن خشيتها من عدم جدّية الأخير في ظلّ سلوك السلطة الفلسطينية على الأرض، والمرفوض فصائلياً، وخاصة في ما يتعلّق باعتقال المقاومين و«التنسيق الأمني» مع الاحتلال. كذلك، تتخوّف الفصائل من أن يكون هدف «أبو مازن» من اللقاء السعي لتجديد شرعيته أمام المجتمع الدولي والإدارة الأميركية، والقول بأنه لا يزال ممثّلاً لكل الشعب الفلسطيني، وخصوصاً في ظلّ هجوم إعلامي مكثّف تقوده السلطة ضد حركة «حماس» وضد المقاومة في الضفة.
حتى الوقت الحالي، لم يقدّم عباس تفاصيل حول اللقاء المزمع عقده في 30 من الشهر الجاري


وحتى الوقت الحالي، لم يقدّم عباس تفاصيل حول اللقاء المزمع عقده في الـ 30 من الشهر الجاري، فيما قال عضو «اللجنة المركزية لحركة فتح»، جبريل الرجوب، إن الاجتماع سيبحث ثلاث مسائل: بناء استراتيجية وطنية موحدة لمواجهة الاحتلال، وتحديد المشروع والهدف وهو إقامة دولة والاستقلال الوطني، وبناء أسس الشراكة الوطنية في كلّ شيء من خلال عملية الانتخابات الديموقراطية. كذلك، أشار الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة، في بيان، إلى أن الهدف من هذه الدعوة هو الاتفاق «على رؤية وطنية شاملة وتوحيد الصف لمواجهة العدوان الإسرائيلي والتصدي له». لكن الفصائل الفلسطينية لا تزال متشكّكة في نوايا السلطة؛ إذ قالت «الجهاد»، على لسان القيادي فيها سعيد نخلة، إن استمرار الاعتقالات والاستدعاءات، هو «إصرار على إفشال لقاءات القاهرة سلفاً»، مضيفاً إن هذا السلوك يؤكد «رفض وقف التنسيق الأمني». ورأى نخلة أنه «لو كانت السلطة معنيّة بإنجاح اللقاءات، فالأَولى بها وقف الاعتقالات... كيف ستلتقي بأمناء عامين لفصائل تعتقل أبناءهم وتعذّبهم في السجون؟ هذه الاعتقالات تضعف موقف الفصائل أوّلاً أمام جمهورها، وثانياً هي رسالة واضحة من السلطة بأنها ليست في وارد وقف التنسيق الأمني أو العلاقة مع الاحتلال». وأشار إلى أن «وقف الاعتقالات السياسية هو أدنى متطلّبات توفير حسن النوايا من السلطة تجاه القوى الفلسطينية وتحديداً حماس والجهاد الإسلامي»، داعياً إلى وضع «ميثاق شرف يجرّم الاعتقال السياسي ويلزم السلطة بتنفيذ مخرجات لقاء الأمناء». واعتبر أن «السلطة لن تنفّذ شيئاً، وستتنصل من هذه اللقاءات كما فعلت سابقاً، وستفشلها، ولن تلتزم بمخرجاتها»، مستدركاً بـ«(أنّنا) حريصون كقوى على سحب الذرائع في ما يتعلّق بمحاولات افتعال الفتنة مع حركتَي حماس والجهاد تحديداً».
وفي الاتجاه نفسه، رأى الأمين العام لـ«المبادرة الوطنية الفلسطينية»، مصطفى البرغوثي، أن «مؤشّر جدّية نجاح لقاءات القاهرة يتمثّل في الإفراج الفوري عن المعتقلين السياسيين»، مضيفاً إن «النجاح يتوقّف على تشكيل قيادة وطنية موحدة ووقف كلّ أشكال الاعتقال السياسي». واعتبرت «لجنة المتابعة للقوى الوطنية والإسلامية في فلسطين»، بدورها، أن «اجتماع الأمناء العامين للفصائل فرصة مهمة أمام الشعب الفلسطيني لاستعادة الوحدة على أساس الشراكة، والاتفاق على استراتيجية وطنية شاملة وموحدة تواجه الاحتلال وحكومته».