طرابلس | خرق المبعوث الأممي إلى ليبيا، عبدالله باتيلي، حالة الترقّب التي سادت لأسابيع حيال التعديلات الخاصّة بقوانين الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، بقراره التدخّل على خطّ مناقشة هذه التعديلات، ومحاولته تسريع التوافق في شأنها، وذلك لإتاحة التوجّه نحو صناديق الاقتراع في أقرب وقت، وانتخاب نظام سياسي سيكون الأول من نوعه منذ إطاحة العقيد معمر القذافي، في عام 2011. ويهدف تدخُّل باتيلي، المستنِد إلى قرارات مجلس الأمن، إلى الضغط على الأطراف الليبية الموجودة في السلطة من أجل تحقيق التوافق حول القوانين، وبخاصّة بين مجلسَي النواب و«الأعلى للدولة» اللذَين أصبحا مُطالبَين بالتنسيق مع «المفوضية الوطنية العليا» للانتخابات، وليس فقط التوافق في ما بينهما على نصوص القوانين. وعلى رغم التعديلات التي أقرّتها لجنة «6+6» على القوانين إبّان مفاوضات بوزنيقة المغربية، والتي حلّت بعض المشكلات العالقة، إلّا أن ثمّة تفاصيل متعلّقة بآليات التنفيذ لا تزال تلقى تحفّظات من جانب المجلسَين، من مثل تنظيم العملية الانتخابية. وكان باتيلي حذّر، في بداية العام الجاري، من إمكانية إقرار قوانين وتشريعات بعيداً من المؤسّسات الليبية التي اعتبرها فاقدة للشرعية، وذلك على خلفية عرقلة الأخيرة التوجّه نحو الانتخابات. ومع إعلانه «جمع المؤسّسات والفاعلين الرئيسيين أو ممثّليهم الموثوق بهم للتوصّل إلى تسوية نهائية»، يبدو تلويح المبعوث الأممي بالابتعاد عن المؤسّسات «الفاقدة للشرعية» جادّاً، إذ أبلغ «مجلس الأمن» رسميّاً باعتزامه حسْم الأمر وحلحلته، في خطوة أولى على طريق تكوين بدائل سياسية للوصول إلى توافقات في شأن القوانين الانتخابية. ويبدو من مضمون البيان اللاذع الذي صدر بعد ساعات قليلة من شجارات شهدتها جلسة برلمانية في شأن القوانين الانتخابية، تبنّي باتيلي بشكل شبه كامل لوجهة نظر «مفوضية الانتخابات»، على اعتبار أن مشاريع القوانين المقترَحة لن تتيح إجراء الانتخابات وستجعل الأمر غير قابل للتطبيق. وسبق لباتيلي أن تراجع، الشهر الماضي، عن المهلة التي منحها للمجلسَين من أجل التوافق مع «مفوضية الانتخابات»، بعدما لمس تراخياً وإضاعة للوقت في السجالات، سواء المتعلّقة بالمحكمة الدستورية وقضاتها، أو تلك المرتبطة بالنزاع حول النفط، فضلاً عن تأجيج النقاط الخلافية بين أعضاء المجلسَين وشعور كل منهما بأن له الكلمة العليا.وعلى رغم تحاور أطراف من المجتمع الدولي مع الفاعلين السياسيين الرئيسيين، في الأيام الماضية، عبر لقاءات سرية وأخرى معلنة، بهدف تسريع حلحلة النقاط الخلافية العالقة، إلّا أن باتيلي لم يتواصل بعد مع أيّ من الأطراف، وذلك بعدما باءت كلّ محاولاته الهادفة إلى استكمال عمليّة التفاوض وتسريع إجراء الانتخابات، بالفشل، من جرّاء سعي كلّ طرف إلى جني المكاسب. على أن خيار المبعوث الأممي اللجوء إلى أطراف ليبية وتشكيل لجنة حوار تباشر مَهمّة إعداد قوانين انتخابية قابلة للتنفيذ، بعيداً من الخلافات الشخصية وتصفية الحسابات بين مجلسَي النواب و«الأعلى للدولة»، من شأنه أن يبعّد تحقيق المَهمّة، ويجعلها عرضة للمخاطر نتيجة الخلافات الداخلية، على غرار ما حدث في ملتقى الحوار السياسي سابقاً. وإزاء ذلك، يحتاج باتيلي، في خطوته، إلى دعم إقليمي غير متوفّر في الوقت الراهن، في ظلّ انشغال الدول الفاعلة بملفات أخرى وعدم وجود رغبة في إحداث مغامرة عبر التوجّه إلى صناديق الاقتراع بصورة لن تكون دافعاً إلى التغيير السياسي وموازين القوى فحسب، بل أيضاً ستتسبب بتحقيق المصالح بصورة مضرّة.