غزة | بعد أسبوع من العدوان الإسرائيلي على مخيم جنين، ووسط صمت من قِبل «كتيبة جنين» والفصائل الفلسطينية، زار رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، مدينة جنين، في ما يبدو جزءاً من خطّة إعادة السيطرة على المدينة. وأثارت الزيارة، التي تُعدّ الأولى لعباس منذ تولّيه منصبه قبل 17 عاماً، انتقادات شعبية للسلطة، في ظلّ ضخامة التدابير الأمنية التي أحاطت بها؛ إذ تساءل العديد من الأهالي بسخرية عن موقع هذه القوات من حماية المواطنين الفلسطينيين الذي تعرّضوا لاعتداءات همجية قبل أيام، وسط غضب واضح تجاه رام الله جلّاه ترداد الهتافات المؤيّدة لـ«كتيبة جنين». وكان وصل إلى المدينة، قبيل قدوم عباس، 300 عنصر من الحرس الرئاسي لتأمين الزيارة، فيما عمدت قيادة حركة «فتح» إلى حشد جماهيرها لإظهار نوع من الالتفاف الشعبي حول «أبو مازن». لكن مصادر محلّية كشفت أن عدد الذين شاركوا في استقبال عباس كان هزيلاً، وقُدّر بمئات ما بين مواطنين وأفراد وعناصر أجهزة أمنية تابعة للسلطة.وحول خلفيات الزيارة، تكشف مصادر في السلطة أن خطوة عباس تندرج ضمن الخطّة التي وضعتها قيادات أمنية لإعادة السيطرة على مخيم جنين، والتي تشمل تعزيز وجود الأجهزة الأمنية وسطوتها، وتنفيذ حملة اعتقالات بحق عناصر من حركتَي «حماس» و«الجهاد الإسلامي».
عدد الذين شاركوا في استقبال عباس كان هزيلاً، وقُدّر بمئات ما بين مواطنين وأفراد وعناصر أجهزة أمنية

وتقتضي الخطّة، التي أقرّها عباس عقب اجتماعه مع قادة الأجهزة الأمنية الأسبوع الماضي في رام الله، وأعاد التشديد عليها أمس خلال اجتماعه بقادة تلك الأجهزة في محافظة جنين، البدء بعملية جمع السلاح، ومنع المظاهر المسلّحة في المخيم، وتنفيذ عمليات اعتقال لقائمة أشخاص من مدينة جنين في المرحلة الأولى، وصولاً إلى تنفيذ اعتقالات في المخيم كمرحلة ثانية. ومن هنا، جاءت الزيارة في محاولة لتوطيد حضور حركة «فتح» في المخيم والمدينة، وتعزيز معنويات الأجهزة الأمنية هناك وإظهار الدعم لها في المهمّة المطلوبة منها خلال الفترة المقبلة، وخصوصاً بعد تعاظم شعبية «كتيبة جنين»، وعودة حركة «حماس» إلى الظهور في المخيم عسكرياً وشعبياً. وفي الإطار نفسه، كشفت مصادر أمنية فلسطينية أن الخطة المُشار إليها بدأت السلطة بتنفيذها بعد توافق إقليمي - أميركي - إسرائيلي خلال سلسلة لقاءات انعقدت أخيراً في الأردن ومصر، وتلتها اتصالات مكثّفة لمواجهة تنامي المقاومة في منطقة شمال الضفة. وتتضمّن الإجراءات التي تمّ التوافق عليها، زيادة انتشار قوات السلطة في جنين بشكل متدرّج، والدخول إلى مخيمها خلال الفترة المقبلة، بما يؤدّي إلى تقليل نشاط المقاومة في المخيم وتقليص احتمالات احتكاكها مع الاحتلال في المدينة.
ووصل عباس، ظهر أمس، إلى مدينة جنين قادماً من رام الله، على متن مروحية عسكرية أردنية حطّت في مهبط «حرش السعادة»، حملت معه أيضاً أمين سر «اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير» حسين الشيخ، ورئيس جهاز المخابرات ماجد فرج. وقال عباس، خلال كلمة له بالمناسبة، إن «مخيم جنين أيقونة النضال والصمود والتحدي في كلّ أنحاء العالم، وقد صمد في وجه العدوان وقدم كلّ التضحيات في سبيل الوطن»، مضيفاً أن زيارته جاءت لمتابعة إعادة إعمار المخيم. كما زار عباس مقبرة الشهداء في المخيم حيث وضع إكليلاً من الزهور، فيما انتشرت قوات أمنية كبيرة في مختلف أنحاء المحافظة لتأمين موكبه، بعدما منعت الأجهزة الأمنية آليات عسكرية إسرائيلية من اقتحام المدينة قبيل الزيارة.