القاهرة | شهدت الأسابيع الماضية اتصالات مكثّفة وغير مسبوقة بين مصر وتونس، تهدف إلى ترتيب أولويّات البلدين وتنسيق الجهود إزاء ملف المهاجرين غير الشرعيين، في إطار مساعٍ لانتزاع مكاسب سياسية واقتصادية من الدول الأوروبية التي لا تزال غير متوافقة، داخلياً، على حلول لأزمة الهجرة غير الشرعية إليها. وفي هذا السياق، يتواصل الرئيس التونسي، قيس سعيد، مع حكومات أوروبية في مقدّمتها إيطاليا، بينما يتواصل الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، ووزير خارجيته، سامح شكري، مع فرنسا وألمانيا، بشكل مباشر، لمطالبتهما بحسم موقفهما إزاء مطالب البلدَين.وبحسب مصادر مصرية، تحدثت إلى «الأخبار»، فإن الاتصالات بين القاهرة وتونس شهدت توافقهما على التصدّي لظاهرة الهجرة غير الشرعية، بالإضافة إلى التعامل مع اللاجئين بشكل يضمن استقرار أوضاع هؤلاء إلى حين عودتهم إلى بلدانهم الأصلية أو بلدان وسيطة تقوم باستضافتهم. كما شدّد البلدان على ضرورة المراقبة البحرية لشواطئ المتوسط من الجانبين المصري والتونسي بما يُعيق عمل عصابات التهريب المنظّمة، وفق المصادر. والجدير ذكره، هنا، أنه على الرغم من أن معظم مراكب الهجرة غير الشرعية تُقلع من ليبيا، إلّا أن المهرّبين يسلكون طرقاً ملتوية للوصول إلى مواقع أخرى للانطلاق في اتجاه الدول الأوروبية، ومنها مصر وتونس، إذ تحوّلت الأولى إلى دولة عبور بعدما برزت بوصفها مركزاً لتصنيع المراكب التي يتم ضبطها عادة؛ والثانية إلى إحدى بؤر التحرك بدلاً من ليبيا بعدما اضطربت الأوضاع في الأخيرة في الأشهر الماضية، وأيضاً بدلاً من مصر التي شدّدت الإجراءات على حدودها.
تتّفق القاهرة وتونس على الضغط من أجل تمرير مساعدات اقتصادية إليهما عبر «النقد الدولي»


وتَمثّلت مطالب القاهرة الرئيسية، بحسب المصادر، في الحصول على أسلحة ومعدّات فائقة التطور تمكّنها من مراقبة الحدود البحرية والدروب الصحراوية، عبر تسهيلات ومساعدات من الدول الأوروبية، ستناقش على المستوى العسكري بعدما أبدى السياسيون الأوروبيون موافقة مبدئية عليها. أيضاً، تطالب مصر بالحصول على تسهيلات في إتاحة البيانات والمراقبة من خلال الأقمار الصناعية، وبدعم المشاريع الصغيرة والمتوسّطة لأهالي القرى التي يفرّ أبناؤها منها هرباً من الضائقة الاقتصادية، وذلك عبر زيادة المخصّصات المالية لمشروعات التعاون المشترك القائمة بالفعل مع الاتحاد الأوروبي، والتي نشط العمل عليها منذ عام 2015. في المقابل، تعهّدت القاهرة، خلال المباحثات، بمراقبة حركة المراكب في دمياط ورشيد، التي تُعَدّ مركزاً لتصدير المراكب المتهالكة إلى ليبيا لاستخدامها في عمليات الهجرة، وبإحكام الرقابة على الحدود بشكل جيد، والتنسيق مع قوات اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر في هذا الإطار.
من جهتها، تطالب تونس الأوروبيين بمساعدة قواتها على التعامل مع عمليات التهريب، بما يشمل توفير التدريب اللازم، وفق المصادر. كما تطالب بتمرير مساعدات إليها من أجل التعامل مع الوضع الاقتصادي السيّئ في البلاد، وخصوصاً عبر «صندوق النقد الدولي»، وهو ما تتّفق عليه مع مصر، إلى جانب توافقهما على المطالبة بالحدّ من الانتقادات الأوروبية للأنظمة السياسية الحاكمة في البلدَين. وبحسب المعلومات، فإن مصر وتونس تتحرّكان على هذا الخطّ بشكل متوازٍ وبتنسيق يُعَدّ الأعلى من نوعه بين البلدَين.