في زيارة هي الأولى من نوعها لرئيس وزراء عراقي إلى سوريا منذ عام 2010، ترأّس محمد شياع السوداني وفداً عراقياً رفيع المستوى إلى دمشق، التقى الرئيس السوري بشار الأسد، وعقد معه مؤتمراً صحافياً مشتركاً، أعلن خلاله الطرفان عن شراكة استراتيجية بين البلدين، على مختلف الأصعدة، الأمنية والاقتصادية والسياسية والإنسانية والبيئية. الزيارة، التي حظيت بمراسم استقبال رسمي، جاءت بعد نحو شهر على أخرى أجراها وزير الخارجية السوري، فيصل المقداد، إلى العراق تلبية لدعوة بغداد، وثّقت وبشكل رسمي علاقات التعاون بين البلدين، والتي نمت بشكل كبير خلال الأعوام الماضية. وإلى جانب هذه الزيارات، يبرز العراق كأحد أبرز الداعمين لعودة سوريا إلى مقعدها في "جامعة الدول العربية"، وشريك استراتيجي لسوريا في العمليات الأمنية سواء ضد الفصائل المصنفة على أنها إرهابية، أو عصابات تهريب المخدرات، وهي ملفات ناقشها الطرفان بشكل معمّق خلال لقاء الأمس، وأكّدا عليها خلال المؤتمر الصحافي. وبينما تتزامن زيارة السوداني مع تسخين متواصل قرب الحدود السورية - العراقية، إثر مساعي الولايات المتحدة الأميركية لتحصين قواعدها والتمدد للسيطرة على الحدود، أعلن رئيس الوزراء العراقي دعم بلاده لجهود الدولة السورية لاستعادة السيطرة على جميع المناطق، ومنع إنشاء أي جيب «إرهابي» في سوريا، مشيراً إلى أن البلدين قاتلا معاً ضد تنظيم «داعش» وانتصرا عليه. وأكّد السوداني أن بلاده تسعى لعلاقات وطيدة مع «الشقيقة سوريا»، التي تتقاسم معها هموماً عديدة، بينها مشكلة المياه، منوّهاً بضرورة تقاسم حصص مياه نهرَي دجلة والفرات بشكل عادل مع دولة المنبع، في إشارة إلى تحكّم تركيا بمياه النهرين، والذي تسبّب بموجات جفاف كبيرة في سوريا والعراق.
كذلك، أعلن المسؤول العراقي دعم بلاده عمليات العودة الطوعية للاجئين السوريين، بعد تأهيل البنى التحتية اللازمة لذلك، داعياً جميع الدول إلى استرجاع رعاياها من مخيم «الهول»، الذي تعيش فيه عائلات ما تبقّى من تنظيم «داعش»، إذ تحوّل المخيم إلى بؤرة لعودة نمو التنظيم، وفق تعبيره. وفي المقابل، أشاد الرئيس الأسد بموقف بغداد، معلناً بدء علاقات طبيعية وطيدة بين الجارتين الشقيقتين، والتي اعتبر أنها تأخرت طوال العقود الماضية، وفق تعبيره.
ويفتح ارتفاع مستوى العلاقات بين البلدين الباب على مصراعيه أمام تعاون اقتصادي كبير، إذ إن العراق يمثّل أحد أبرز أسواق تصدير المنتجات السورية إلى الخارج، بما فيها الغذائية والألبسة والأدوية. وبينما يمكن للعراق تقديم النفط اللازم لسوريا، إلى جانب منتجات أخرى، توفّر الأخيرة ممراً مناسباً للنفط العراقي إلى البحر المتوسط، عبر محطة بانياس، في ما يُعرف باسم «أنبوب النفط العراقي» الذي تعرّض لأضرار خلال السنوات الماضية، ويتطلّب الصيانة قبل إعادته إلى العمل، وهي خطة تم بحثها خلال العام الماضي، قبل أن يتم تأجيلها بسبب تكلفتها المرتفعة، وفق ما أوردته وسائل إعلام عراقية.