تستمرّ الأزمة السودانية في إعاقة تنسيق المواقف بين القاهرة والخرطوم
وبينما تبدو عملية تبادل المعلومات والبيانات حول حصص المياه وعمليات التصريف الجارية، مناسبة للفترة الحالية، إلّا أن المطالب المصرية المتّصلة بتأثير السدّ البيئي ومدى ملاءمة الأرض المقامة عليها الإنشاءات، وكميات المياه المخزنة وتأثيرها على التربة في المنطقة، والاتفاق على آلية ملزمة يمكن اللجوء إليها من أجل فضّ النزاعات التي يمكن أن تنشأ مستقبلاً، لا تزال كلّها معلّقة. ومن هنا، تبدو التهدئة الجديدة، من جانب إثيوبيا، وكأنها محاولة لكسب مزيد من الوقت، فيما من جانب مصر لتحسين صورة النظام الذي واجه عدّة انتقادات حيال إخفاقه في التعامل مع الملفّ. إذ إن فترة الأشهر الأربعة، والقابلة للتجديد لمدّة مماثلة، تضمن لأديس أبابا إتمام عملية الملء الرابع من دون اعتراضات مصرية علنية، وخصوصاً أن مؤشّرات موسم الأمطار تُظهر أن إيرادات مياه النيل ستكون وفيرة على غرار السنوات الماضية، بما يسمح بتخزين المياه في بحيرة السد، من دون تأثّر حصّة مصر والسودان.
وفي انتظار ما ستحمله نهاية شهر أيلول المقبل (نهاية موسم الأمطار)، تستمرّ الأزمة السودانية في إعاقة تنسيق المواقف بين القاهرة والخرطوم، ولا سيّما بشأن المطالب المرتبطة بضمانات السلامة والتخزين. وحتى لو أتيح تمثيل السودان في المباحثات اللاحقة - وفق ما نصّ عليه إعلان القاهرة -، وهو ما لا يبدو مُتاحاً أيضاً، فإن الاجتماعات المقرّرة ستواجه تعقيدات غير سهلة، خاصة وأن مقتضيات حلحلة الأزمة الداخلية في إثيوبيا دفعت في اتّجاه تحقيق الملء خلال 7 سنوات، وليس 10 سنوات بحسب ما تطالب به مصر. وهكذا، تتقلّص، أكثر فأكثر، خيارات القاهرة التي بدأت برفضها إقامة السدّ، إلى أن بات أمراً واقعاً بعد زيادة القدرة الاستيعابية لبحيرته، فيما أقصى ما تتطلّع إليه حالياً الاتفاق على تدفّق المياه خلال فترة الجفاف ونقص المياه، وعلى إمكانية فتح بحيرة السدّ للاستفادة من المياه المخزنة في داخلها خلال هذه الفترات، بما يضمن وصول حصة مصر والسودان بالحدّ المقبول، لا الزائد الذي كان سائداً قُبيل بدء التخزين في السدّ.