ويبدو التنشيط الأردني لمبادرة عمّان التي تنخرط فيها الرياض أيضاً، وانضمّت إليها في وقت لاحق «جامعة الدول العربية»، من باب مكافحة المخدّرات، منطقياً، في ظلّ الضغوط الأميركية المتزايدة لمنع أيّ خرق حقيقي في الملفّات الأخرى التي تشملها المبادرة، بما فيها المسألة الإنسانية وقضية اللاجئين، والدفع بالعملية السياسية. ويخوض الأردن، ومعه لبنان، محاولات حثيثة لفتح الباب أمام بدء عودة اللاجئين السوريين، خصوصاً بعد تخفيض منظمات الأمم المتحدة حجم المساعدات المقدَّمة إلى هؤلاء، الأمر الذي ضاعف من حجم الضغوطات الاقتصادية على البلدين، غير أن هذه الجهود لا تزال تواجَه بعرقلة أميركية - أوروبية معلَنة بشتى الوسائل الممكنة، بما فيها إعاقة عمليات تأهيل البنى التحتية لاستقبال اللاجئين السوريين الراغبين في العودة.
تستعدّ «الجامعة العربية» لعقد أول لقاء سياسي للجنة الخاصة حول سوريا، وسط توقّعات بانعقاده منتصف الشهر القادم
مع ذلك، يحاول الأردن، الذي ساهم عبر مبادرته في تقريب وجهات النظر العربية ــــ السورية، بالطرق المتاحة كافة، التخلّص من عبء الأزمة السورية؛ كونه، وفق تصريحات رسمية أردنية عديدة، الأكثر تضرّراً منها بعد سوريا باستضافته حوالي 1.3 مليون سوري. وفي هذا الإطار، ذكر رئيس الوزراء الأردني، بشر الخصاونة، أن 10% فقط من هؤلاء يعيشون في المخيمات، موضحاً خلال مشاركته في «المؤتمر الدولي للتنمية والهجرة غير النظامية» المنعقد في روما، أن التمويل الدولي لخطّة استجابة الأردن للأزمة السورية بلغ هذا العام 6.8% فقط، في حين كان في العام الماضي 33%، مقارنة بنحو 64% في عام 2016.
في السياق ذاته، تستعدّ «الجامعة العربية» لعقد أول لقاء سياسي للجنة الخاصة التي قامت بإنشائها حول سوريا، وسط توقّعات بأن يتمّ الاجتماع منتصف الشهر القادم، وفق ما ذكرت جريدة «الوطن» السورية. ويعني ذلك انتقال عمل الجامعة، بعد عودة سوريا إليها، من المضمار السياسي فقط إلى المضمار العملي، وانخراطها بشكل متزايد في مسار الحلّ السياسي، والذي يشهد حالة جمود في ظلّ ارتفاع مستوى الاحتكاكات السياسية والميدانية الروسية ـــ الأميركية في سوريا، واستقدام الولايات المتحدة مزيداً من التعزيزات إلى هذا البلد، ومحاولتها عرقلة «مسار أستانا» الروسي، الذي يسعى لعزل قضية اللاجئين السوريين عن الملفّات الأخرى في سوريا.
ويأتي كلّ ذلك في وقت لا يزال فيه المسار الأممي للحلّ (اللجنة الدستورية) يعاني التجميد، وسط آمال أبداها المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، غير بيدرسون، بأن تستكمل اللجنة عملها، بعد إجراء تعديلات على آلية عملها تمّت مناقشتها خلال اللقاء الأخير لدول «مسار أستانا» في كازاخستان. وتضمّنت تلك التعديلات، إلى جانب نقل مقرّ عمل «الدستورية» من جنيف إلى مدينة أخرى لم يتمّ الاتفاق عليها حتى الآن، الانتقال من الآلية التي كانت قائمة عبر إجراء لقاءات دورية، إلى وضع خطة عمل مشتركة قائمة على عقد لقاءات مطوّلة لمناقشة كلّ نقطة خلافية بشكل موسّع والخروج بنتائج توافقية. لكنّ هذه الأمور لا تزال قيد الدراسة، بينما يُنتظر التوافق على الوجهة الجديدة للقاءات، والتي لا يُستبعد أن تكون في تركيا أو الأردن أو سلطنة عمان، بالنظر إلى وجود عروض مقدَّمة بالفعل من هذه الأخيرة لاستضافة أعمال اللجنة.