وتناقل الإعلام العبري، بالفعل، مقاطع مصوّرة لتفجير العبوات الناسفة بآليات الاحتلال في «نور شمس»، وهو ما علّقت عليه «القناة الـ14» العبرية بأن «القوات الإسرائيلية عملت الليلة الماضية في مخيم نور شمس من أجل "إحباط عمليات إرهابية"، لكن المسلّحين في المخيم وضعوا العشرات من العبوات الناسفة في مسارات الاقتحام ومن تحت الأرض. خلال العملية، تمّ استخدام قوات الهندسة ومعدّات ثقيلة للكشف عن العبوات، تمّ على الأقل تحييد عشر عبوات ناسفة». وفي المقابل، احتفى سكان المخيم، الذين وثّقوا بالمقاطع المصوّرة الاشتباكات المسلّحة وتفجير العبوات الناسفة خلال الاقتحام الذي استمرّ لساعات، بالمقاومين، عقب انسحاب قوات الاحتلال من «نور شمس»، مؤكّدين التفافهم حول خيار المقاومة عل رغم الدمار الهائل الذي أحدثه جيش العدو. وعلى غرار ما قام به في مخيم جنين من تدمير لممتلكات المواطنين والبنية التحتية ومرافق الخدمات العامة، لمعاقبة الأهالي على احتضانهم المقاومة، خلّف الاحتلال في «نور شمس» خراباً ودماراً كبيرَين - حيث قُدرّت الخسائر بملايين الدولارات -، في محاولة منه لكسر إرادة المخيم، وتأليب الجمهور ضد المقاومين.
تتصاعد الدعوات إلى الرباط في المسجد الأقصى يوم الخميس المقبل
وبالتزامن مع ذلك، شنّت قوات الاحتلال عدواناً على مخيم عقبة جبر في مدينة أريحا، حيث احتلّ جنودها أسطح البنايات العالية ونشروا عليها قناصتهم، وأطلقوا طائرة مسيّرة في محيط المنطقة، وطالبوا شابّاً بتسليم نفسه، في وقت تصدّت فيه مجموعات المقاومة لجنود العدو خلال محاصرتهم أحد المنازل. وانجلى غبار المعركة عن فشل الاحتلال في تحقيق هدفه من العملية، بينما أكدت «كتيبة أريحا» أن مقاتليها استهدفوا جنود العدو بعمليات إطلاق نار في مختلف مناطق المخيم. وما إن انسحب جيش الاحتلال من طولكرم وأريحا، حتى اقتحمت قوات خاصة إسرائيلية مخيم عسكر القديم في مدينة نابلس، وحاصرت منزلاً هناك بغية اعتقال أو تصفية مقاوم، لتحظى بعدها بتعزيزات عسكرية إضافية. وفور تطويق المنزل، طالب جنود العدو أحد المقاومين بتسليم نفسه، إلا أن الأخير رفض الاستسلام ونجح في الانسحاب، على رغم أن الجنود أحضروا طفله وحوّلوه إلى درع بشري لإجباره على الاستسلام، بينما استهدف المقاومون قوات الاحتلال بصليات كثيفة من الرصاص والعبوات محلّية الصنع.
ويبدو، ممّا حصل أمس، أن «كتيبة طولكرم» أعلنت عن نفسها بقوة، على خُطى «كتيبة جنين»، فيما من المتوقّع أن تُحدث العبوات الناسفة التي استخدمتها حالة من الإرباك في صفوف قوات الاحتلال ومنظومته الأمنية، على غِرار ما فعلته العبوات في مخيم جنين. وعلى ضوء هذا المستجدّ، قد يكون العدوان على «نور شمس» مقدّمة لعملية واسعة على غرار ما حصل في جنين، على اعتبار أن النموذج الذي أسّسه المقاومون في الأخيرة انتقل بكلّ قوّة إلى طولكرم، وقد يصل إلى أماكن أخرى. وفي هذا الإطار، علّقت بعض وسائل الإعلام العبرية على أحداث «نور شمس» بالقول: «ليس فقط في مخيم جنين... لاحظوا كيفية تفجير عبوة قوية ضدّ مركبة هندسية للجيش الإسرائيلي، دخلت مخيم نور الشمس الليلة في طولكرم». على أن القلق الأمني الإسرائيلي لا يقتصر على مخيمات الضفة الغربية فقط، بل إن الاحتجاجات الداخلية الإسرائيلية انعكست بدورها مخاوف أمنية، خاصة في ظلّ سخونة الجبهة الشمالية لفلسطين المحتلة، والتنسيق الكبير بين قوى المقاومة. وفي السياق، نقل مراسل موقع «والا» العبري، أمير بوخبوط، عن مسؤول أمني قوله إن «حماس وحزب الله يعتقدان أنه من الممكن الآن زيادة العمليات ضدّ إسرائيل».
وبالتزامن مع هذا التصعيد في الضفة، تتّجه الأنظار، خلال اليومَين المقبلَين، إلى مدينة القدس المحتلة، والتي ستشهد يوم الأربعاء المقبل مسيرة للأعلام الصهيونية، تحشد لها «منظّمات الهيكل» المزعوم ومنظّمات اليمين الاستيطانية. ومن المقرّر أن تنطلق المسيرة في تمام الساعة 9:45 ليلاً، وسط دعوات مقدسية إلى التصدّي لاقتحامات المستوطنين، خاصة أنها تستهدف أبواب المسجد الأقصى، الجديد والزاهرة والعمود والأسباط، لتنتهي بالدخول إلى البلدة القديمة من باب المغاربة ثمّ إلى ساحة البراق. كذلك، تتصاعد الدعوات إلى الرباط في المسجد الأقصى يوم الخميس المقبل، لصدّ اقتحامات جماعات المستوطنين في ما يسمّى «ذكرى خراب الهيكل»، وهي مناسبة من شأنها أن تُحوّل القدس إلى ثكنة عسكرية، مع ما يرافق هذه الإجراءات عادةً من تصاعد في الاعتداءات على المقدسيين.