لليوم الرابع على التوالي، تعيش دير الزور حالة استنفار مستمر في ظل الاشتباكات القائمة بين «قوات سوريا الديموقراطية ــــ قسد»، و«مجلس دير الزور العسكري». ويأتي ذلك بعد نحو شهر على ارتفاع مستوى الاحتكاكات بين الأخير الذي يمثّل أحد المكوّنات العربية في «قسد»، والأكراد، الذين يقودون التشكيل، ويحاولون تحجيم دور المجلس، ونقل ثقله إلى أماكن أخرى. وبعض هذه الاحتكاكات يتعلق بالسيطرة على المعابر وتجارة النفط، بينما غيرها مرتبط بالتخوّف من المساعي الأميركية لزيادة دعم المكوّن العربي، وفق ما ذكرت مصادر ميدانية تحدثت إلى «الأخبار». وأشارت المصادر إلى أن «قسد» لا تزال مستمرة في حالة الاستنفار التي أعلنتها، برغم إعلان قائد «المجلس»، أحمد الخبيل، هدنة من طرف واحد، مضيفة أن المعلومات متضاربة حول عدد ضحايا الاشتباكات التي وقعت في مناطق عدة شمال وشمال شرق دير الزور. وخلال الاشتباكات، التي استُخدمت فيها أسلحة خفيفة ومتوسطة، حشد «المجلس» قواته، وسيطر على نقاط كانت تتمركز فيها «قسد»، وقام بأسر عدد من المقاتلين، في حين استقدمت الأخيرة تعزيزات من «قوات مكافحة الإرهاب» (HAT) إلى المنطقة.
واللافت في المواجهات، بالإضافة إلى أنها تنسف الصورة التي تحاول «قسد» رسمها لمناطق سيطرتها من حيث الاستقرار، أنها وقعت بين الأكراد من جهة والعرب من جهة أخرى، الأمر الذي قد يشعل فتيل أزمة في مناطق سيطرة «قسد» بشكل كامل، في ظل وجود حساسية تاريخية بين المكوّنين، ومحاولة الأكراد الاستئثار بالسلطة في مناطق «الإدارة الذاتية». وهذا ما يفسر التحركات التي نفّذتها «قسد» خلال الشهر الماضي باستقدامها تعزيزات كبيرة إلى مناطق انتشار قوات «المجلس»، وطلبها من مقاتليه الانتقال إلى نقاط خلفية أخرى، وهو ما رفضه «المجلس» الذي اعتبر التحرك محاولة لتهميش دوره، ونقل نشاطه إلى خارج مواقع انتشار القبائل التي يتشكل جسمه من أبنائها، علماً أن العلاقة بين الطرفين تعيش منذ أكثر من عام حالة صدام غير معلن.
وبالرغم من الاشتباكات القائمة، واشتعال مناطق عديدة، لم يقُم «التحالف الدولي» بقيادة الولايات المتحدة الأميركية بأي تدخّل من شأنه إنهاء التوتر، باستثناء فرضه وقف إطلاق نار، واجتماع تمّ وفق مصادر ميدانية على عجالة مع قائد «المجلس» ومسؤولين من «قسد». وفي الوقت نفسه، أعلنت الأخيرة إجراء تحقيق في الأمر، ما قد يفتح الباب أمام تجدّد المعارك في ظل إصرار «قسد» على فرض عملية إعادة انتشار لقوات «المجلس»، وتسلّمها مناطق انتشاره، وارتفاع مستوى الحساسية الكردية – العربية في مناطق «الإدارة الذاتية».