القاهرة | بعد أسابيع من فتح شمال سيناء أمام المواطنين بشكل شبه اعتيادي، وإلغاء الجيش التصاريح الأمنية اللازمة للولوج إلى المنطقة، والتي كانت مفروضة سابقاً لعشر سنوات على الأقلّ، شهد مقر الأمن الوطني في مدينة العريش، مساء الأحد الماضي، هجوماً إرهابياً لم تُكشف تفاصيله بعد. وأسفر الهجوم الإرهابي، وهو الأول من نوعه منذ أشهر، عن سقوط 4 قتلى من رجال الشرطة إلى جانب عدد من الإصابات، بحسب مصادر تحدّثت إلى «الأخبار». وإثر الحادث، فرضت قوات الأمن طوقاً أمنياً، وقطعت الاتصالات بشكل كامل عن العريش لنحو 6 ساعات متواصلة. على أن المفارقة هي أن الهجوم، الذي لم تعلن الدولة عن وقوعه من الأساس واتّبعت سياسة التعتيم الإعلامي المشدّد بشأنه، تزامن مع الاستعدادات لاحتفالية كبرى مرتقبة في العريش بحضور رئيس الجمهورية، عبد الفتاح السيسي، لإعلان «القضاء على الإرهاب بشكل كامل» بعد أكثر من عقد على إغلاق المدينة. إلّا أن الحادث الذي بقي طيّ الكتمان على المستوى الرسمي، خرج إلى العلن بتغريدة لنائب رئيس مجلس الوزراء ووزيرة التخطيط، هالة السعيد، التي غرّدت معزّيةً بضحايا الهجوم، قبل أن تقوم بحذف التغريدة بعد وقت قصير. وبينما لم يَصدر أيّ بيان رسمي عن الداخلية المصرية حول الواقعة التي يقول شهود عيان إنها شهدت تبادلاً كثيفاً لإطلاق النار، نعى عدد من المواطنين، العقيد في القوات الخاصة محمد مؤنس، الذي قضى خلال الهجوم، ليتبيّن أن الناعين هم زملاؤه وأصدقاؤه من خارج الجيش.
تزامن الهجوم مع الاستعدادات لاحتفالية لإعلان «القضاء الكامل على الإرهاب» بحضور السيسي


وفي أعقاب الحادث، جرت عمليات ملاحقة من أجل ضبط الجناة وتصفيتهم، بحسب مصادر «الأخبار»، التي أوضحت أن هذه العمليات هي السبب الرئيس في قطع الاتصالات والإنترنت، لافتةً إلى عدم رصد أيّ تحرّكات غير اعتيادية قبل الحادث في المناطق القريبة. وأكدت المصادر أن الهجوم لن يؤدي إلى إحداث أيّ تغييرات في الخطّة الأمنية المرتبطة بفتح المدينة والأنشطة المقرّرة باعتباره «حادثاً عابراً»، مشيرةً إلى أن عمليات تدقيق واسعة النطاق في الهويات ورصد جوي انطلقت بعد الحادث، ولا تزال مستمرّة حتى الآن، للوصول إلى أيّ جماعات قد تكون مختبئة في المناطق الجبلية، بالتنسيق بين قوات الجيش والقبائل في سيناء، مضيفةً أن «الوضع يبدو آمناً حتى اللحظة ولا يستلزم اتّخاذ أي إجراءات استثنائية».
وأعاد الحادث، الذي شكّل اختراقاً أمنياً كبيراً، إثارة الشكوك في جدوى الإجراءات الأمنية المتَّبعة في المربع الحصين الذي يضمّ مقرّ الأمن الوطني والمحكمة والمستشفى العسكريَين، حيث يجري التفتيش بشكل دقيق، مع مراجعة هويّات المرتادين الدائمين إلى المكان، والتأكد من خلوّ أي مشكلات أمنية بشأنهم. والجدير ذكره، هنا، أن العريش كانت فتحت أبوابها بالفعل بداية الصيف الجاري، بالتزامن مع صدور قرار إلغاء القيود الخاصة بالدخول لغير أهلها، واشتراط موافقة المخابرات الحربية على من يستطيع الولوج إليها، فيما بات رجال الشرطة أكثر ظهوراً في شوارع المدينة بعد سنوات من سيطرة الجيش عليها.