غزة | تزامناً مع خروج الفلسطينيين في الضفة الغربية، وتحديداً في مدينة جنين ومخيّمها، احتفاءً بالعملية البطولية التي نفّذتها المقاومة في تل أبيب، كثّفت الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة حمْلتها الهادفة إلى قمع مظاهر المقاومة جميعها في المدينة؛ فأطلقت النار في الهواء لتفريق الجماهير، واعتدت على الصحافيين الذي حضروا لتغطية الاحتفالات. في المقابل، قرّرت حكومة الاحتلال تقديم تسهيلات اقتصادية جديدة للسلطة، مستخلصةً أنّه بات في إمكانها تكثيف اعتمادها عليها.ووفق ما علمت به «الأخبار» من مصادر في السلطة الفلسطينية، يتمثّل دور الأجهزة الأمنية في منْع بروز أيّ مظاهر للمقاومة في جنين ومخيّمها، بما في ذلك الاحتفال بالعمليات الفدائية، وذلك بهدف إظهار أن الوضع في المدينة تحت سيطرة هذه الأجهزة، بما يضمن استمرار الدعم الإسرائيلي والأميركي لها، بعدما منحت قوات الاحتلال السلطة «فرصةً» لضبط الأوضاع في جنين، في أعقاب العملية العسكرية الشهر الماضي. وممّا يبدو لافتاً، أنّ السلطة تحاول إعطاء «شرعيةً» لأفعالها، من خلال افتعال عدد من الأحداث التي توحي بأنّ تحرّكاتها تهدف إلى «الدفاع عن النفس»، على غرار الادّعاء بحدوث إطلاق نار على مقارّها الأمنية، وفق ما تؤكد المصادر نفسها. وقد حاولت، مثلاً، إلصاق تهمة إطلاق النار بحركة «الجهاد الإسلامي»، وهو ما نفته الأخيرة لاحقاً، محذرةً بشدّة من محاولات الزج باسمها وبمقاتليها في عمليات إطلاق النار، التي تتعرّض لها مراكز السلطة ومقرّاتها وأجهزتها الأمنية في الضفة الغربية. وإذ عبّرت الحركة عن رفضها هذه المحاولات والادّعاءات الباطلة، أكّدت أنّ «بوصلتها واضحة»، وأنّ «قتالها هو ضدّ العدو الصهيوني، وسلاحها مصوب نحو رأس العدو وصدره»، محذرةً من أنّ هذه المزاعم الباطلة «والمحاولات المكشوفة»، تهدف إلى تبرير سياسات السلطة وأجهزتها الأمنية وسلوكها، «ضدّ مجاهدينا الذين يتعرّضون للاعتقال والملاحقة». وكانت مصادر محلية أفادت، في وقت سابق، بأنّ مسلّحين أطلقوا النار وعبوات متفجرة، تجاه مقرّ المقاطعة في مدينة جنين، مساء أمس، ردّاً على قمع أجهزة السلطة مسيرةً خرجت في مخيم جنين، ابتهاجاً بعملية تل أبيب. وتابعت المصادر نفسها أنّ مجموعة من المسلّحين «أطلقت النار بكثافة صوب مقرّ المقاطعة»، قبل أن تنسحب من المكان، لتردّ أجهزة السلطة بإطلاق قنابل الغاز والرصاص بكثافة تجاه المواطنين. من جهتها، أوضحت مصادر في المخيم أنّ أجهزة السلطة انتشرت بكثافة عنذ مفترقات الطرق، مشهرةً أسلحتها تجاه أيّ تجمّع للمواطنين في المخيم، بعدما نعت المساجد هناك منفّذ عملية تل أبيب.
قرّرت حكومة الاحتلال تقديم تسهيلات اقتصادية جديدة للسلطة الفلسطينية


وتعقيباً على ممارسات السلطة، عبّر «المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان» عن قلقه الكبير إزاء «التراجع الخطير في مستوى الحريات العامة في الضفة الغربية، بما في ذلك استهداف الصحافيين وملاحقتهم على خلفية عملهم الصحافي»، مؤكّداً، في بيان، أنّ الانتهاكات ضدّ الصحافيين أخذت منحىً متصاعداً، في خلال الأيام الماضية، بلغ ذروته مساء السبت، بإصابة الصحافي، محمد عابد، بقنبلة غاز مباشرة في ركبته، والصحافي علي سمودي، مراسل «صحيفة القدس» ووسائل إعلام محلية ودولية عدّة، بشظية في رأسه، «خلال قمع الأجهزة الأمنية مسيرة انطلقت في مخيم جنين، عقب تنفيذ فلسطيني من جنين هجوماً مُسلّحاً في تل أبيب». وبحسب البيان، فقد سبق هذه الاعتداءات اعتداءٌ آخر لعناصر أمنية بلباس مدني، قبيل ظهر الخميس الماضي، على أربعة صحافيين أمام «جامعة الخليل»، خلال تغطيتهم وقفة للطالبات احتجاجاً على تعرضهن لاعتداء داخل الجامعة في اليوم السابق.
في المقابل، قالت إذاعة الجيش الإسرائيلي إنّ المؤسّسة الأمنية في دولة الاحتلال «تميل إلى السماح للسلطة الفلسطينية بالعمل في جنين»، على رغم العملية التي جرت في تل أبيب. وأشارت إلى أنّه ستتم، خلال الأيام المقبلة، مناقشة هذا الموضوع على مختلف المستويات، مؤكدةً أنّ «مسؤولين كبار في الجهاز الأمني الإسرائيلي يؤيّدون استمرار عمل الأجهزة الأمنية الفلسطينية في جنين». يُشار إلى أنه قبل العملية العسكرية لجيش الاحتلال، لم يكن في جنين سوى بضع عشرات من أفراد أجهزة الأمن التابعين للسلطة الفلسطينية. أمّا اليوم، فهناك أكثر من ألف عنصر متواجد هناك، بذريعة «محاولة فرض الأمن»، بحسب الإذاعة نفسها، التي لوّحت بإمكانية «عودة الجيش الإسرائيلي للعمل في جنين ومخيّمها في نهاية المطاف»، في حال استمرار عمليات المقاومة.