طرابلس | بعد التوتر الأخير الذي ساد بين البعثة الأممية إلى ليبيا بقيادة عبدالله باتيلي، وعدد من الأطراف السياسية الليبية، ولا سيّما مجلسَي النواب و«الأعلى للدولة»، بشأن مسارات إجراء الانتخابات الرئاسية، طفا حراكٌ على سطح الأحداث السياسيّة من أجل حلحلة الأزمات ولو جزئياً. وإثر ضغوطات الدبلوماسي السنغالي للسير في طريق واقعي نحو إتمام الاستحقاق الانتخابي، شهدت اجتماعات مجلس النواب استكمالاً لمناقشة قانون الانتخابات المقدّم من لجنة «6+6» المُشكّلة من المجلس نفسه و«الأعلى للدولة»، لتخرجَ بمطالبة مفوّضية الانتخابات بإجراء تعديلات تكون قابلة للتنفيذ على أرض الواقع. وتتعلق هذه التعديلات بضوابط الترشح للانتخابات وآلية إجراء العملية الانتخابية لتجنّب ظهور عوائق قانونية، من شأنها إبطال العملية بعد إنجازها ووضع شرعية الرئيس المنتخب على المحكّ.وفي ظلّ وجود مقترحات بإلغاء الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية، يتمحور النقاش البرلماني الأساسي حول عدم إلزامية اللجوء إلى جولة ثانية في حال حصول أحد المرشحين على نسبة 50% زائداً واحداً، إلى جانب بعض الشروط الأخرى التي بات النواب يروْنَ ضرورةً في تعديلها، والتي تستوجب في النهاية موافقة «الأعلى للدولة» أيضاً، من أجل إتمام العملية الانتخابية. وبالتوازي، تحرّك مجلس النواب نحو العمل على دعم توحيد مفوّضية المجتمع المدني المنقسِمة بين إدارتَين في الشرق والغرب كغالبية المؤسسات الليبية، وهو ما يبدو أنه سيتمكّن من النجاح فيه بعد التنسيق بين المفوّضية في الإدارتين وتحديد آلية عمل بينهما وتسوية الانقسام الحالي ضمن مساعي توحيد المؤسسات. وبينما لا تزال هذه القضايا قيد المناقشة داخل البرلمان أملاً في الوصول إلى رؤى توافقية، التزم مجلس النواب الصمت تجاه مسألة تشكيل حكومة وحدة تكون مهمتها إجراء الانتخابات كما أعلن في وقت سابق، في خطوة تعكس استجابته لضغوط المبعوث الأممي.
سيدعو رئيس مجلس «الأعلى للدولة» إلى إجراء الانتخابات تحت قيادة حكومة الدبيبة


ويأتي ذلك في الوقت الذي يجري فيه أعضاء «الأعلى للدولة» مناقشات موسّعة حول عدة أمور مرتبطة بالخريطة السياسية، ومن بينها مناقشات مع أطراف خارجية. وبدأت المناقشات بعد ساعات من انتخاب المجلس، في الجولة الثانية، محمد تكالة رئيساً جديداً له مطلع الأسبوع الجاري خلفاً لرئيسه السابق خالد المشري. وتجري انتخابات رئاسة المجلس بشكل دوري كل عام، مع انتخاب نائبين للجنوب والشرق، على أن يكون الرئيس والمقرّر من الغرب وفق نظام المحاصصة المعمول به في قيادة المجلس. وسيسعى تكالة، المعروف بقربه من رئيس حكومة «الوحدة الوطنية»، عبد الحميد الدبيبة، إلى دعم إجراء الانتخابات من خلال الأخير. وبينما تسود التوقعات بأن تكالة سيُعيد علاقات المجلس مع الحكومة خلال الأيام المقبلة بعد قطيعة استمرت شهوراً بسبب خلافات شخصية بين الدبيبة والمشري الذي تبنّى بشكل واضح توجهات مقاربة لمعارضي الدبيبة، ستُلقى عليه مَهمّة تجنّب الانقسامات الداخلية، خاصة مع وجود كتلة تدعم توجهات المشري.
وبحسب مصادر «الأخبار»، فإن رئيس المجلس الجديد سيسعى لاختصار الجدول الزمني للعملية الانتخابية بالدعوة إلى إجرائها تحت قيادة حكومة الدبيبة، نظراً إلى دعم الأخيرة ذلك المسار، مع توفير ضمانات لنزاهة العملية ومساعدة مفوّضية الانتخابات في الإجراءات التي ترغب في اتّخاذها. وفي هذا الإطار، من شأن لقاءات تكالة المنتظرة مع الدبيبة - سواء كانت سرية أو علنية - أن تُشكّل محطة مفصلية، بناءً على الوعود التي سيحصل عليها من الرجل. وكانت لاقت مساعي مجلس النواب لتعيين حكومة جديدة يترشّح رئيسها من خلال البرلمان وتكون مسؤولة أمامه عن العملية الانتخابية، معارضة قوية من الأوساط السياسية لما اعتبره البعض محاولة من المجلس لفرض هيمنته السياسية على حساب الأطراف الأخرى.
أمّا ميدانياً، فيحاول الدبيبة احتواء غضب شعبي في مدينة الخمس بعد الاحتجاجات التي شهدتها المدينة احتجاجاً على ضم الميناء التجاري إلى القاعدة العسكرية، وهو القرار الذي يبدو أنه سيكون مضطراً لتجميده مع إغلاق الحركة في عدد من شوارع المدينة.