بغداد | جمع عدد من النواب في مجلس النواب العراقي تواقيع ورفعوها إلى رئاسة المجلس، لاستضافة وزراء ومستشارين من بينهم وزير الداخلية، عبد الأمير الشمري، ووزيرة المالية، طيف سامي، إلى جانب استجواب وزير التربية، إبراهيم نامس الجبوري، بتوجيه من رئيس البرلمان، محمد الحلبوسي، خلال شهر آب الحالي. ويلاحظ مراقبون أن ثمّة احتمالاً لاستغلال الاستضافات والاستجوابات تلك، سياسياً، كورقة للاستخدام قبيل موعد الانتخابات المحلّية المقرّر إجراؤها في نهاية العام الجاري، وخصوصاً أن القوى السياسية تعاملت، خلال الدورات البرلمانية السابقة، مع ملف الاستجوابات، على أنه وسيلة لتصفية الحسابات السياسية، وإقالة بعض المسؤولين والوزراء في الحكومات المتعاقبة. ومن المقرّر، خلال الأسبوع المقبل، أن يشهد البرلمان حملة استضافات من قِبل اللجان النيابية لعدد من المسؤولين للوقوف على مجريات العمل التنفيذي، وخصوصاً تلك المرتبطة بالبيان الوزاري الذي وضعته الحكومة ولم يرَ النور حتى الآن، لأسباب عدّة منها ما يتعلّق بعدم وجود مخصّصات مالية. لكن سياسيين ينتقدون الحلبوسي، لسعيه لمواجهة خصومه من خلال الاستجوابات، في إشارة إلى وزير التربية، إبراهيم الجبوري، كونه ينتمي إلى تحالف «العزم»، الذي يعدّ أشدّ المنافسين لحزب «تقدم» في الساحة السنية. ومنذ أشهر، يشهد «البيت السني» صراعاً مريراً بين قادته، بسبب الخلاف الدائر حول قضايا الزعامة، خاصة بين الحلبوسي ورئيس تحالف «العزم»، مثنى السامرائي، اللذين تقاذفا تهماً بالفساد والاستحواذ على السلطة السياسية. وفي هذا الصدد، يؤكد عضو اللجنة المالية النيابية، مصطفى الكرعاوي، وجود حملة لاستضافة كلّ الجهات المعنية، بشأن قضايا ارتفاع سعر صرف الدولار وتدهور الخدمات، ولا سيما الضعف الحاصل في تجهيز الطاقة الكهربائية، وأزمة السيادة والخلاف الخاص حول ترسيم الحدود مع الكويت. ويوضح الكرعاوي، في تصريح إلى «الأخبار»، أنه «على مستوى اللجنة المالية واللجان الأخرى، ستتمّ استضافة وزيرة المالية ومستشارين في الحكومة، لوضع الحلول الحقيقية لهذه المشكلات، عبر تثبيت المواقف بشكل رسمي وقانوني، وبعدها يمكن أن يذهب الموضوع إلى الجهات القضائية». ويشدّد على «جدّية متابعة هذه الملفات، ولكن في الوقت نفسه نطمح إلى أن يكون هناك إجراء سريع من الحكومة، حتى نمضي في اتّجاه تقديم الخدمة بعيداً من المناكفات الإدارية، والسياسية، والقانونية».
انتقد سياسيون الحلبوسي لسعيه لمواجهة خصومه من خلال الاستجوابات


بدورها، ترى عضو مجلس النواب، مهدية اللامي، أن «الاستجوابات حالة صحية، وليس فيها خلل أو استهداف للحكومة أو لأي مسؤول، يل هي تدخل ضمن السياق القانوني ويكفلها الدستور، وهذا ينعكس بشكل إيجابي على متابعة العمل التنفيذي». وتلفت اللامي، في تصريح إلى «الأخبار»، إلى أن «ثمّة قائمة كاملة للاستجوابات والاستضافات التي سوف نباشر فيها خلال الأيام المقبلة»، نافيةً اندراجها «في خانة الصراع السياسي وتصفية الحسابات بين الأطراف المختلفة، وذلك لأنّ العمل النيابي جادّ للوقوف على الأزمات التي يعانيها المواطن، في ظلّ تأخّر إقرار الموازنة وانعدام الخدمات». أمّا رئيسة لجنة التخطيط النيابية، ليلى التميمي، فتقول، لـ«الأخبار»، إنه «من ضمن عملها التشريعي، تأتي الاجتماعات مع الجهات الحكومية ومتابعة المشاريع والخطط من خلال استضافة المسؤولين وطرح بعض التساؤلات عليهم، والتي يتوجّب على تلك الشخصيات الإجابة عنها». وتشير التميمي إلى أن «لجنة التخطيط استضافت مستشار رئيس الوزراء، وكادراً رفيع المستوى من وزارة التخطيط، وغيرهم من المسؤولين، لمناقشة الواقع الخدمي وتنفيذ البرنامج الحكومي، وتسجيل ملاحظاتنا على الإجابات التي تتعلّق بالعمل التنفيذي، وبالتالي سيكون لنا تقرير كامل لتقييم عمل الوزارات والتلكؤ الذي حصل في كلّ وزارة، ولا سيما الخدمية». وتدافع بأن «الاستضافات التي قد تلحقها استجوابات، لم تكن ردّة فعل سياسية، وإنّما أغلبها يجري بشكل مهني واضح، وليس هناك استهداف لطرف بعينه، لأنه بالنتيجة الهدف منها إجراء التقييم للأداء الوزاري، والذي تعهّد به رئيس مجلس الوزراء، محمد شياع السوداني، في وقت سابق».
ومع تزايد المخاوف من إدخال استجوابات المسؤولين في إطار الصراع السياسي، يرى المحلل السياسي، أحمد المياحي، أن «الخلافات السياسية والانشقاقات التي تحدث داخل ائتلاف إدارة الدولة، قد تتحوّل إلى البرلمان، وذلك من خلال الإقالات وعزل بعض الوزراء والمسؤولين عن مناصبهم». ويعتقد المياحي، في حديث إلى «الأخبار»، أن «أغلب الاستجوابات غايتها سياسية، أكثر مما هي تشريعية، على رغم أهميتها الشديدة في خلق جوّ من التواصل بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، لمعالجة المشكلات التي تغصّ بها البلاد، نتيجة الفساد والصراعات السياسية على النفوذ والسلطة». ويتوقّع أن يتوجّه «الإطار التنسيقي إلى البرلمان لاستضافة بعض الشخصيات التي تُعتبر متخاصمة معه لتضييق الخناق عليها وحجبها من المشهد السياسي، فيما سيقوم الحلبوسي بالأمر نفسه لمعاقبة خصومه من خلال استغلاله لمنصب الرئاسة واستجوابهم، وهذا ما قد يحدث مع وزير التربية خلال الأيام القريبة»، معتبراً أن «الاستضافات والاستجوابات صارت وسيلة من وسائل الابتزاز التي تتعامل بها الأطراف السياسية... لأنه من غير المعقول أن تستجوب لجنة الشباب والرياضة مثلاً، وزير التربية».