بغداد | أغلقت المفوضية العليا للانتخابات في العراق، أمس، باب الترشيح لانتخابات مجالس المحافظات المقرر إجراؤها في نهاية العام الجاري. وأعلنت أن استكمال الترشيح ستتبعه عملية تدقيق تستمر 15 يوماً.ويبدي الكثير من العراقيين اهتماماً بالغاً بهذه الانتخابات، ويعلّقون آمالاً على أن تغيّر في معادلة القوى المسيطرة على الحكومات المحلية منذ أكثر من عشر سنوات. مع ذلك، ثمّة تحشيد على مواقع التواصل الاجتماعي لدعوة المواطنين إلى العزوف عن الإدلاء بأصواتهم فيها.
وهذه أول انتخابات محلية منذ عام 2013، بينما حُلّت مجالس المحافظات عام 2019، على إثر «حراك تشرين»، حينما كانت تلك المجالس متّهمة بتكريس الفساد في البلاد. ووفقاً للدستور العراقي، تتولى مجالس المحافظات مهمة اختيار المحافظ ومسؤولي المحافظات التنفيذيين، وتملك صلاحيات الإقالة والتعيين وإقرار المشاريع، وفقاً للموازنة المالية المخصّصة للمحافظة من الحكومة المركزية في بغداد.
ويحذّر مراقبون من تأثير المال السياسي على نزاهة التنافس، وسط تأكيدات حكومية على مكافحة شراء الأصوات، وتحديد مبلغ الدعاية الانتخابية لكلّ مرشح للانتخابات.
وعن التحالفات والأحزاب، يقول عضو الفريق الإعلامي في مفوضية الانتخابات، عماد جميل، إن «التحالفات التي سُجّلت لغاية الآن، 50 تحالفاً، منها 33 جديدة، و17 قديمة»، مضيفاً لـ«الأخبار» إن «الأحزاب المشاركة هي 296 حزباً، وأيضاً هنالك 63 حزباً قيد التسجيل. وعلى التحالفات التي أكملت إجراءاتها أن تقدّم مرشحيها إلى شُعب المرشحين في مكاتب المحافظات، وكذلك على الأحزاب المجازة أن تقدم مرشحيها، لأن الفترة المتبقية هي قليلة». ويشير إلى أن «جميع القوائم الخاصة بالمرشحين بحاجة إلى تدقيق، ومن ثم إرسالها إلى هيئة المساءلة والعدالة وهيئة النزاهة، وكذلك إلى وزارة الداخلية، وأيضاً إلى وزارتَي التربية والتعليم العالي. ولذلك نحتاج إلى وقت لإكمال الإجراءات».
من جانبها، تقول المتحدثة باسم المفوضية، جمانة غلاي، لـ«الأخبار»، إن المفوضية شكّلت لجنة برئاسة نائب رئيس مجلس المفوضين، القاضي فياض حسين، وعضوية عامر الحسيني والمستشار فتاح محمد حسين، لمتابعة تنفيذ تعليمات الحد الأعلى للإنفاق على الحملات الانتخابية. وهذه أول مرة تقوم فيها المفوضية بهذا العمل. وتوضح أن «المصروفات الخاصة بكل مرشح فردي ستكون مئتين وخمسين ديناراً مضروبة بعدد الناخبين داخل الدائرة الانتخابية». وتعتقد غلاي أن «هذه الخطوة ستقلّل من حجم التزوير وشراء الأصوات، وهدر المال العام وتوظيفه في السباق الانتخابي، وكذلك ستساعد في الابتعاد عن التسقيط الذي كان يبدأ مبكراً من موسم الانتخابات».
تأكيدات حكومية على مكافحة شراء الأصوات، وتحديد سقف الدعاية الانتخابية بـ 250 ديناراً عن كل ناخب


أما النائب المستقل وعضو لجنة الأقاليم والمحافظات غير المنتظمة، جواد اليساري، فيكشف أن «هناك رغبة كبيرة لدى بعض الأحزاب في تأجيل الانتخابات، لأنها غير مستعدة أمام جماهيرها، فضلاً عن وجود عقبات، ومنها تأخر إقرار الموازنة المالية». ويوضح لـ«الأخبار» أن «أغلب أسباب الدعوة إلى التأجيل يتعلّق بعدم إكمال قوائم الأحزاب واستعدادها لخوض الانتخابات، ورفض الشارع عودة المجالس، فضلاً عن اقتراب موعد انتهاء ولاية مجلس المفوّضين الحالي في المفوضية العليا المستقلة للانتخابات». ولا يتوقع اليساري إجراء الانتخابات في موعدها المحدّد، على رغم التأكيدات الحكومية على الاستعداد لإنجاح العملية، قائلاً إن «هناك عقبات كثيرة ستقف بوجهها، ولا سيما أن أزمة محافظة كركوك والمناطق المتنازع عليها لم تحسم بعد، وعليها إشكالية كبيرة لدى الأكراد وبقية القوميات».
في السياق ذاته، اجتمع النائب الثاني لرئيس مجلس النواب، شاخوان عبد الله، أكثر من مرة، مع كادر المفوضية العليا، لبحث قضية التدقيق في سجل الناخبين في محافظة كركوك المتنازع عليها بين إدارتَي الإقليم والمركز. وذكر بيان للمكتب الإعلامي لمجلس النواب، أن الاجتماع ناقش الاستعدادات والإجراءات الأولية للشروع في عمليات التدقيق، والتحضيرات الفنية واللوجستية للانتخابات القادمة لمجالس المحافظات.
وأجريت آخر انتخابات محلية في محافظة كركوك عام 2005، ثم توقّفت منذ ذلك التاريخ نتيجة الخلاف بين بغداد وكردستان على تطبيق المادة 140 من الدستور، المتعلّقة بتطبيع الأوضاع في كركوك وبقية المناطق المختلف عليها. وتطالب القوى الكردية، ولا سيما «الحزب الديموقراطي الكردستاني»، باعتماد سجل تعداد السكان لعام 1957، بينما ترغب أحزاب كردية أخرى في إجراء الانتخابات تحت رقابة إدارة بغداد، تلافياً للتزوير وهيمنة بعض الأطراف على أصوات النازحين.
وبهذا الصدد، يرى القيادي في «الحزب الديموقراطي الكردستاني، هيثم المياحي، أن «التنافس بين الأحزاب الكردية حادّ في المناطق المتنازع عليها، ولا سيما كركوك ونينوى وديالى وصلاح الدين». ويقول لـ«الأخبار» إن «فكرة تأسيس تحالف موحد لكل الأحزاب الكردية لخوض الانتخابات في كركوك وغيرها، باتت صعبة، على رغم وجود اجتماعات ومباحثات بين الأحزاب الكبيرة والصغيرة. أعتقد أنه سيكون هناك تنافس شريف بين الأحزاب، والجماهير تعرف من تنتخب، وكذلك هي تلقائياً مقسمة حسب قومياتها العربية أو الكردية أو التركمانية». ويعترف المياحي «بوجود خلافات سياسية بشأن المناصب، ولا سيما منصب محافظ كركوك وغيره، بين الحزب الديموقراطي والاتحاد الوطني الكردستاني، ويولّد ذلك تشظّياً في القرارات بين كل الأحزاب».
أما الباحث في الشأن السياسي، نجم القصاب، فيؤكد أن الانتخابات المحلية هي من ضمن المنهاج الحكومي لرئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، ولذا هنالك حرص كبير على إجرائها في موعدها المحدد. ويقول لـ«الأخبار» إن «التحالفات والأحزاب، سواء كانت قديمة أو جديدة، لديها نشاط كبير لخوض الانتخابات المحلية. وهذا ما دفع الكثير منها إلى الاستعداد المبكر من خلال التحالف أو ضمان جماهيرها من خلال عدة برامج».