لا يمكن حجب التقصير الذي يسم أداء الجهات المعنيّة في قطاع غزة
وإذ بات الشارع الغزاوي مدركاً أن أيّ حراك يتصدّره «سين وصاد وعين» من نشطاء التواصل الاجتماعي، سينتهي قبل أن يبدأ، بالنظر إلى أن الأطروحات التي يقدّمها هؤلاء ليست منسجمة مع توجّهات الشارع ونبضه، حيال قضايا تحظى بإجماع فطري، من مثل المقاومة وإطلاق الصواريخ والردّ على عمليات الاغتيال، فإن منظّمي حَراك الثلاثين من تموز، لم يحصدوا سوى الصورة، والمقصود هنا، صورة قمع المحتجّين وملاحقتهم في الشوارع، ودفع البسطاء إلى مواجهة البسطاء. لكن أبعد من ذلك، فإن ما شهدته غزة ولا تزال لا يمكن فصله عن مجمل الظروف التي تعيشها مختلف العواصم التي تنشط فيها حركات وجماعات مقاومة، في ما بات يمثّل نموذجاً تتشارك في تعزيزه كلّ الأطراف المناوئة للمقاومة، وعنوانه أن أيّ منطقة أو جمهور يسير عكس التيّار الإسرائيلي، في سوريا ولبنان والعراق واليمن وصولاً إلى غزة، محكوم عليه أن يعيش في ظروف معيشية قاسية، بل وشديدة القساوة.
ولمّا فشلت الضفة الغربية في تقديم نموذج «الرفاه تحت الاحتلال» الذي عملت دولة الاحتلال على تعزيز قشوره خلال الـ15 عاماً الماضية، من خلال رفع المستوى المعيشي، والتساهل في منح تصاريح العمل في الداخل المحتل، وتسهيل السفر إلى أيّ بقعة من العالم، وتعزيز قطاعات التكنولوجيا والاتصال والترفيه، واصطدم الشارع «الضفاوي» بحقيقة الإلهاء التي سيمرَّر من تحت عباءتها المشروع الاستيطاني الكبير، في ظلّ غياب أيّ برنامج وطني لدى السلطة الفلسطينية هناك، وانحصار دورها في تقديم الخدمات الأمنية ورعاية الشؤون المدنية للسكّان، كان لا بدّ من أن يعاد تعويم نموذج القطاع، على أنه الأسوأ على الإطلاق، وأن ظروف السكّان فيه في ظلّ ممارسات «الحكم غير الرشيد»، المشفوع بالتمسّك بمقاومة إسرائيل، لا يضاهيها قعر.
إزاء ذلك، لا يمكن حجب التقصير الذي يسم أداء الجهات المعنيّة في قطاع غزة، والتي تكاد مطالب الشارع منها تنحصر في القول إن «توزيع الظلم... عدل»، وإن «تقاسم المعاناة... رفاه». على أن ما يسجَّل لتلك الجهات، هو المسارعة في معالجة تداعيات الأزمات، عبر إقالة «لجنة متابعة العمل الحكومي»، رئيس بلدية خان يونس والمجلس البلدي برمته، وإخضاع إجراءات إزالة التعديات لمزيد من الصرامة، وتخفيف إجراءات الجباية وتركيب العدادات الذكية وتسجيل المخالفات المرورية.