غزة | لم يجد المئات من الفقراء المنتفعين من برنامج الشؤون الاجتماعية في غزة، سوى الاحتجاج أمام بوّابات بنوك القطاع، بعدما انتهى صومهم الإجباري الطويل في انتظار صرف مستحقاتهم التي يتقاضونها ثلاث مرّات في العام فقط، بـ«الإفطار على بصلة»، وفق ما يقول المسنّ أبو محمد، مفنّداً في حديثه إلى «الأخبار»، «(أنّنا) صمنا طويلاً في انتظار أن يُصرف المبلغ المقرَّر لنا كاملاً، لكنّنا فوجئنا بصرف 100$ لنا فقط، عوضاً عن ما كان يفترض أن نتقاضاه من 200$ - 500$ (...)، أفطرنا على بصلة. الوزير مجدلاني حرم 18 ألف عائلة من أشدّ فقراء غزة من حقوقها». أمّا السيدة ختام عبيد، وهي أرملة تعيل أسرة مكوَّنة من 11 فرداً، فقد صُدمت هي الأخرى بأن المبلغ الذي تقاضته كان 365 شيكلاً، عوضاً عن 1800 شيكل كانت تتقاضاها عادة. تقول عبيد لـ«الأخبار»: «كلّ منتفعي الشؤون الاجتماعية هم من الفئات الأشدّ فقراً، من المرضى والمتعطّلين عن العمل الذين يعيلون عائلات ممتدّة. ونحن نستقبل موسم العام الدراسي الجديد، وكنّا نراهن على أن هذا الراتب سيغطّي النفقات الكبيرة التي يتطلّبها تجهيز الأولاد إلى المدارس. لكن... حسبي الله ونعم الوكيل».
ويؤكد المتحدث باسم «الهيئة العليا للمطالبة بحقوق المستفيدين من برنامج الشؤون الاجتماعية»، صبحي المغربي، في حديثه إلى «الأخبار»، أن «الحكومة في رام الله قامت بتقليص مخصّصات أكثر من 17 ألف أسرة من قطاع غزة حصراً»، معتبراً «ما حدث مجزرة بحق الفئة الأكثر فقراً وهشاشة في المجتمع»، لافتاً إلى أن «معظم المقلَّصة مستحقّاتهم هم من النساء الذين يعيلون عائلات ممتدّة، ومن ذوي الإعاقة الذين لا يستطيعون العمل، ومن المرضى وكبار السن». يُذكر أن برنامج الشؤون الاجتماعية هو برنامج مساعدات ترعاه السلطة الفلسطينية، وهو مخصَّص للأسر شديدة الفقر، وتستفيد منه نحو 116 ألف أسرة، 81 ألفاً منها في قطاع غزة، تَصرف لها وزارة الشؤون الاجتماعية رواتب مقطوعة، تبدأ من 200$ وتصل حتى 550$ بواقع أربع مرّات في كلّ عام. وكان المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي شادي عثمان، قد أعلن، في تصريحات صحافية، أن الاتحاد صرف منحته الكاملة المخصّصة للشؤون الاجتماعية، وقيمتها 22 مليون دولار، مخصَّصة لـ71 ألف أسرة من منتفعي الشؤون، مضيفاً أن السلطة تحدّثت عن وجود عجز لديها، «وأن لديها خيار عدم الدفع، أو دفع مئة دولار فقط لكلّ أسرة وهذا ما جرى».
لكن بحسب مصادر مطّلعة في وزارة الشؤون الاجتماعية، فإن الوزارة التي يرأسها الوزير أحمد مجدلاني، تعمّدت حصر التقليصات بمستفيدي قطاع غزة، على الرغم من أن الأوضاع الاقتصادية في الضفة الغربية أفضل حالاً ممّا هي عليه في القطاع بكثير. وتُذكّر المصادر، في حديث إلى «الأخبار»، بأن «السلطة اقتطعت منذ عام 2017 أكثر من 2.7 مليار شيكل من حصّة مستفيدي غزة من هذا البرنامج، بعدما كانت توقّفت عن دفع مستحقّات منتفعي الشؤون، طوال عامين، بحجة الأزمة المالية، وحينما شرعت في الصرف، بدأت بالتلاعب في عدد الدفعات، وقلّصتها من 4 دفعات خلال العام، إلى دفعة أو دفعتين في أحسن الأحوال». وتبيّن أن «الاتحاد الأوروبي يساهم بـ82% من قيمة المنحة، والبنك الدولي بـ1%، والسلطة بـ17%، ومن خلال التقليص الحالي، تكون الأخيرة قد نهبت 23 مليون شيكل من القيمة الإجمالية لمساعدات الشؤون. كما أنه خلال العام الجاري، لم تصرف الوزارة سوى دفعة واحدة في شهر نيسان الماضي، وجاءت هذه الدفعة منقوصة هي الأخرى».