طرابلس | يواجه رئيس حكومة "الوحدة الوطنية" الليبية المنتهية ولايته، عبد الحميد الدبيبة، موجةً من الانتقادات الداخلية، مع تكشُّف المزيد من المعلومات عن كواليس اللقاء الذي جمع وزيرة خارجيته المقالة، نجلاء المنقوش، إلى نظيرها الإسرائيلي، إيلي كوهين، في روما، الأسبوع الماضي. ووفق المعلومات، فإن اللقاء الذي استغرق أكثر من ساعتَين، لم تشارك فيه المنقوش وحدها فحسب، بل كان إلى جانبها مسؤولون آخرون، في إطار ترتيبات جرت مسبقاً مع الإدارة الأميركية التي لا تزال تدعم حكومة الدبيبة، وتتأمّل السير قُدُماً في خطوة التطبيع الليبية مع إسرائيل، في سياق المفاوضات الجارية مع أكثر من دولة عربية في هذا الشأن.وأفادت تقارير إعلامية ليبية بأن المنقوش قدّمت إحاطة مكتوبة إلى مكتب الدبيبة، فور عودتها من روما، علماً أن رئيس حكومة "الوحدة" كان قد وافق على عقْد الاجتماع، أملاً في استمرار دعْم واشنطن لحكومته، وممارستها ضغوطاً من أجل إجراء الانتخابات تحت إشرافها، ما يمنحه أحقيّته في خوضها، ولا سيما أنه وعد بأن يكون ملفّ التطبيع على طاولة حكومته، في ما لو فاز بالرئاسة.
وبحسب مصادر تحدّثت إلى "الأخبار"، فإن الدبيبة سارع فور الإعلان الإسرائيلي عن اللقاء، إلى التواصل مع مسؤولين أميركيين، من بينهم سفير واشنطن في طرابلس، للمطالبة بنفي إسرائيلي للتفاصيل الواردة، والتقليل من أهميّة الاجتماع. ووعد الدبيبة، الذي كان يخشى ردّ الفعل الشعبي على إعلان تطبيع العلاقات مع تل أبيب، بالنظر في الأمر مع استقرار الوضع السياسي وإنهاء المشكلات الداخلية. ومن جهتهم، أعرب المسؤولون الأميركيون الذين تواصلوا مع الدبيبة، عن أسفهم للإعلان الإسرائيلي عن الاجتماع، من دون موافقتهم، وحتى من دون إبلاغهم. ولفت هؤلاء إلى أن واشنطن "متفهّمة" لطبيعة الاعتراضات التي حدثت في الأيام الماضية، واعدين بدعم رئيس حكومة "الوحدة" لتجاوز الأزمة الحالية وتداعياتها، خاصة في ما يتعلّق بالحديث مع الأطراف المناهضة للقاء، والتي تحرّكت لاستغلال الأمر سياسيّاً.
أصدر الدبيبة قراراً بإقالة المنقوش، من دون الحديث عن مكان تواجدها أو آلية استدعائها إلى التحقيق


ووفق معلومات "الأخبار"، فإن قرار الإعلان عن مغادرة نجلاء المنقوش إلى تركيا، صدر ونُفّذ خلال أقلّ من ساعتين، حرصاً على سلامتها وأمنها الشخصيَّين، وسط حالة الغضب العارم التي مثّلت مفاجأة لقوات الأمن الليبية، وبناءً على تنسيق جرى بينها وبين الدبيبة الذي وعدها باحتواء الأمر قبل أن يتصاعد أكثر، ليُصدر من بعد ذلك قراراً بإقالتها من منصبها، من دون الحديث عن مكان تواجدها أو آلية استدعائها إلى التحقيق.
وبينما تحرّك مجلس النواب بشكل عاجل مخاطِباً النائب العام للتحقيق مع حكومة الدبيبة على خلفية اللقاء، داعياً جميع أجهزة الدولة إلى عدم التعاون مع هذه الحكومة أو تنفيذ تعليماتها، ثمّة مخاوف من موجة استقالات داخل الحكومة على خلفية استمرار التظاهرات لليوم الثاني على التوالي في العاصمة الليبية، طرابلس، والكشف عن علم رئيس الحكومة وموافقته المسبقَين على عقد اللقاء مع الجانب الإسرائيلي.
وهذه ليست المرّة الأولى التي يثار فيها جدل في شأن لقاءات ليبية - إسرائيلية، إذ أشارت تقارير صدرت قبل عامين إلى حصول لقاءات بين اللواء المتقاعد خليفة حفتر ومسؤولين إسرائيليين، جرى نفيها في حينه. ويبدو لافتاً أن حفتر التزم الصمت إزاء الأزمة الحالية، ولم يتدخّل في السجال السياسي القائم حول اللقاء الذي يستهدف البرلمان استغلاله لإطاحة الدبيبة من السلطة بشكل كامل، وممارسة ضغوط على "المجلس الرئاسي"، بقيادة محمد المنفي، من أجل استدعائه والتحقيق معه لنزع الشرعية عنه.