ويحمل فشل المفاوضات، التي وصلت إلى طريق مسدود، واستئناف العمل بالمشروع، في طيّاته، احتمالات عودة المواجهات والاحتجاجات، على غرار ما شهدته القرى الدرزية في حزيران الماضي، على إثر توجيه وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، شرطة الاحتلال، يقمع المحتجّين في قرية مسعدة، ما أدّى إلى وقوع إصابات خطيرة، زادت من وتيرة الاحتجاجات، التي أجبرت الحكومة أخيراً على تجميد المشروع. وفي هذا الإطار، أصدر جهاز "الشاباك" تحذيرات إلى المستوى السياسي من التصعيد في صفوف الطائفة الدرزية، على خلفية عودة العمل بمشروع التوربينات، وملفّات أخرى، وفي مقدّمها ملفّ الجريمة المنظّمة، وعمليات القتل وإطلاق النار، على غرار ما جرى أخيراً في قرية أبو سنان، حيث قتل أربعة أشخاص.
يُعدّ مشروع التوربينات الهوائية، أحد أذرع المشروع الاستعماري الصهيوني في الجولان المحتلّ
ووفق ما أوردت صحيفة "هآرتس"، فإن "الأزمة بين الطائفة الدرزية والدولة، حادّة وعميقة"؛ إذ يرتبط تفاقم الخلاف مع الدروز أيضاً، بـ"تفشي الجريمة في صفوف الجمهور العربي، وفشل الحكومة الحالية في مواجهتها، وكذلك ازدياد نفوذ عصابات الإجرام، في القرى العربية والدرزية".
وتبعث هذه الحالة على قلق النخبة الأمنية؛ إذ تخشى من تصاعُد الأمور مع الطائفة الدرزية إلى "أعمال عنف واسعة النطاق"، وخاصّة في ظلّ توقّع أن تذهب الحكومة إلى فرض استئناف مشروع التوربينات بالقوّة، بسبب الالتزامات القانونية تجاه الشركة المنفِّذة، على رغم تأكيد قادة الدروز استمرارهم في التصدّي للمشروع. وكانت نقلت "القناة 11" العبرية عن أحد منظّمي الاحتجاج، قوله: "نحن مستعدّون للقتال، وإذا اضطررنا لذلك، سنقدّم التضحيات". وفي ضوء الاستعدادات الأمنية لمواجهة ما قد ينجم عن استئناف العمل بالمشروع، طالبت شرطة الاحتلال بحشد قوات كبيرة من عناصرها لحراسة هذه الأعمال، فيما يبقى أن تُحدّد موعد البدء في التنفيذ، علماً أنها طالبت الحكومة، خلال الاحتجاجات السابقة، بعدم الاستجابة لمطالب أهالي الجولان والطائفة الدرزية، والسماح لها بأن تقمع الاحتجاجات.
ومنذ البدء بتنفيذ المشروع، يسود التأهّب والغضب أهالي الجولان، كون المشروع يَستهدف أراضيهم الزراعية، وتحديداً منها تلك الواقعة بين قرى مجدل شمس، ومسعدة، وعين قنيا. وفي حال تنفيذه، ستتمّ مصادرة قرابة 4500 دونم من الأراضي الزراعية في القرى الثلاث التي يقطنها الآلاف، بالإضافة إلى تدخُّل الشركة المطوّرة في مساحات أخرى من هضبة الجولان بهدف مدّ بنية تحتية ملائمة، وتوسيع الشوارع، ومدّ شبكات الطاقة تحت الأرض، بتكلفة تصل إلى نحو 700 مليون شيكل، تشمل بناء نحو 21 توربيناً هوائياً (تشغّلها الرياح) قد تولّد مجتمعةً نحو 104 ميغاواط من الكهرباء. وسيعمل المشروع على تدفّق الكهرباء إلى غرف كهربائية، ومنها عبر كابلات تحت الأرض (ستمدّها شركة الكهرباء القطرية) على امتداد 18 كيلومتراً.
وتُعدّ التوربينات الهوائية أحد أذرع المشروع الاستعماري الصهيوني في الجولان المحتلّ؛ فإلى جانب سرقة الأراضي، فإنها تضيّق الخناق على الأهالي، وتُعتبر استكمالاً لمشاريع الاستيطان التي استهدفت المنطقة، حيث أقام الاحتلال نحو 34 مستوطنة يجثم فيها نحو 29 ألف مستوطن. ولا تخفي سلطات العدو رغبتها في تحويل الجولان إلى واجهة سياحية، إذ ثمة مخطّط استيطاني يهدف إلى استقدام 250 ألف مستوطن جديد إلى الهضبة المحتلّة، بحلول عام 2042. وضمن هذا المفهوم، فإن مشروع التوربينات الهوائية وغيره من المشاريع الاستيطانية الاقتصادية التي ستُنفّذ لاحقاً، تندرج في إطار خلق أسواق عمل وتطوير البنية التحتية الملائمة، والتي قد تشمل مطارات.