صنعاء | على رغم تحذيرات صنعاء المتصاعدة من تداعيات فشل ما تسمّيها «مفاوضات الفرصة الأخيرة»، لم تخرج النقاشات التي أجراها المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، مع قيادات «المجلس الرئاسي» الموالي للتحالف السعودي في مدينتَي عدن ومأرب، بأيّ نتائج إيجابية إلى الآن. إذ أعاد رئيس المجلس، رشاد العليمي، الحديث عن سلام من دون شروط، وفق المرجعيات الدولية التي تعتبر «أنصار الله» حركة متمردة وتطالبها بتسليم السلاح، وإعادة خصومها إلى الحكم في صنعاء من دون مقابل، والتي كان قد وصفها المبعوث الأممي السابق، جمال بن عمر، بنفسه بالتعجيزية. ورفض عضو «الرئاسي»، سلطان العرادة، بدوره، خلال لقائه أول من أمس غروندبرغ في مأرب، بشكل كلّي، أشكال التفاوض كافة بين صنعاء والرياض، مؤيداً «الرؤية الأميركية» حول مفاوضات يمنية - يمنية مشروطة بربط جميع الملفات بعضها ببعض. ووفقاً لوسائل إعلام تابعة لحزب «الإصلاح» في مأرب، فإن العرادة أكد أنه لا حوار مع صنعاء من دون المرجعيات الثلاث، رافضاً الخوض في الحديث عن الملف الإنساني، وتجزئة الحلول التي قال إنها «ستمنح صنعاء انتصاراً على التحالف»، معتبراً أن «الحل في اليمن كتلة واحدة تؤدي في النهاية إلى استعادة مؤسسات الدولة».
ويأتي تمسك قيادات «الرئاسي» بالحوار وفق «المرجعيات الثلاث» (المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني والقرار الأممي 2216) على رغم إعلان المبعوث الأممي السابق، مارتن غريفيث، وفاتها مطلع العام 2020، ليعكس تشدّداً مستجدّاً بإيحاء من الولايات المتحدة، لا ينسجم مع المتغيّرات العسكرية التي طرأت خلال السنوات الماضية، وخلخلت أسس كل تلك المرجعيات، ودفعت بالرياض إلى التفاوض مع صنعاء لوقف التصعيد، بعد أن حققت الأخيرة توازن ردع عسكرياً لصالحها نسبياً.
في هذا الوقت، وبينما تنتظر صنعاء نتائج مباحثات المبعوث الأممي مع حكومة عدن، سرى حديث عن بعثها بأكثر من رسالة عسكرية الثلاثاء الماضي إلى العمق السعودي، أكدت فيها جدية تحذيراتها السابقة. فوفقاً لأكثر من مصدر سعودي معارض، منهم المغرد على منصة «X» المعروف بـ«مجتهد»، فإن عمليات عسكرية يمنية طاولت مصالح عسكرية سعودية في جيزان ونجران وعسير جنوبي المملكة. وأشار إلى أن قوات صنعاء لم تتبنّ العملية رسمياً، مستدركاً بأن هذه قد تكون واحدة من تلك العمليات غير المعلنة المقصود منها توصيل رسائل فقط، وقد تليها عمليات هجومية واسعة في العمق السعودي خلال الفترة المقبلة، في حال فشلت الجهود الإقليمية والدولية في تحقيق أي اختراق في ملف صرف المرتبات.
يأتي تمسّك قيادات «الرئاسي» بالحوار وفق «المرجعيات الثلاث» ليعكس تشدّداً مستجدّاً بإيحاء من الولايات المتحدة


من جهته، أكد رئيس «المجلس السياسي الأعلى» (الحاكم)، مهدي المشاط، أن صنعاء ماضية في انتزاع حقوق الموظفين بالقوة، مشيراً خلال لقاء موسّع في محافظة عمران إلى أن «قضية تسليم المرتبات أمر مسلم به لدى الأمم المتحدة وأطراف التحالف»، وأنه لا تساهل في هذا الملف، مضيفاً أن «هناك جهوزيّة عالية للعودة إلى مرحلة التصعيد في سبيل انتزاع مرتبات الموظفين». وكشف عن «نجاح تجربة صاروخية جديدة، حيث جرى اختبار أفضل تقنيات وصلنا إليها». وإذ لم يعلن هدف العملية التجريبية ونوعية الصاروخ ومداه وقوته التفجيرية، إلا أنه أشار إلى أن «العملية أربكت القوات الأجنبية في البحر الأحمر غربي البلاد».  
وفي الوقت الذي صعّدت فيه حكومة عدن من مطالبها بإعادة إنتاج النفط والغاز وتصديره إلى الأسواق الخارجية باعتبار ذلك خياراً وحيداً لوقف انهيار أوضاعها المالية، أكد المشاط أن قرار منع تصدير النفط الذي دخل حيز التنفيذ مطلع تشرين الأول الفائت، لا يزال سارياً، كاشفاً أن «اليد الطولى لقوات صنعاء تمكّنت، خلال الأسبوع الماضي، من إفشال محاولة تهريب شحنة من الغاز اليمني عبر سفينتين كانتا قادمتين إلى ميناء عدن»، مؤكداً أن قواته البحرية  أجبرت السفينتين على التراجع أربع مرات في غضون أيام، ومتوعداً باستهداف أي سفينة أجنبية تحاول تهريب النفط والغاز اليمنيين إلى الخارج. كما كشف المشاط أن صنعاء أبلغت الشركات المالكة لسفينتي «سينمار جين» و«بوليفار» بقرارها القاضي بمنع نهب الغاز اليمني. وأشار إلى أن حكومة الإنقاذ سمحت بإمداد كهرباء عدن بكميات كبيرة من الوقود من مأرب وشبوة لتخفيف معاناة سكان المدينة.
وفي هذا الإطار، قال مصدر مسؤول مقرب من «اللجنة الاقتصادية العليا» في صنعاء، لـ«الأخبار»، إن حكومة الإنقاذ استثنت من قرار «حماية الثروات» (منع تصدير النفط) الكميات المخصصة لتشغيل محطات الكهرباء في عدن، وسمحت بنقل ما يزيد عن 200 ألف برميل من النفط الخام الخفيف، من حقول النفط في محافظتي شبوة ومأرب، حيث تم حُمّلت على متن السفينة «هانا»، إلى محطة كهرباء محافظة عدن أواخر العام الماضي. وأوضح أنه استُثني أيضاً 560 ألف برميل من النفط الخام بدأ نقلها برّاً من ميناء النشيمة في 29 آذار الماضي، وكذلك كميات الديزل المدعوم من «بترومسيلة» في حضرموت، والتي نُقلت إلى عدن.
وعلى رغم ذلك، تصاعدت معاناة المواطنين في عدن جراء انهيار منظومة الكهرباء في المدينة ووقف المحطات الخاصة بتوليد الكهرباء في محافظتي أبين ولحج. وعليه، لوّح  المصدر بوقف هذا الاستثناء «في حال استمرار حكومة الطرف الآخر  بنهب الكميات المخصصة للكهرباء»، بحسب تعبيره.