القاهرة | من عضوية «مجلس الشورى» المصري عام 2008 إلى ثوب الإعدام عام 2010، فاللباس الأزرق لعقوبة السجن، ثمّ العودة مجدّداً إلى بدلة رجال الأعمال، وصولاً إلى الطمع في بدلة الوزير أو عضو مجلس النواب على الأقلّ، يسير رجل الأعمال المصري، هشام طلعت مصطفى، المُدان عام 2008 في دبي بالتحريض على قتل المطربة اللبنانية سوزان تميم، بخطىً ثابتة، دافعاً ملايين الدولارات من أجل تسوية أخطاء الماضي. وتُوّجت مساعي الرجل، الذي خرج بعفو رئاسي عام 2017 بعد أكثر من 9 سنوات قضاها في السجن، على خلفية إدانته بحكم نهائي بالتحريض على قتل تميم بواسطة الضابط السابق محسن السكري، بقرار صدر الأسبوع الماضي عن «محكمة جنايات» القاهرة، يقضي بـ«ردّ اعتباره». وأتى هذا القرار بعد رحلة طويلة خاضها مصطفى لطيّ صفحة الجريمة التي مرّ عليها 15 عاماً، وكلّفته أثماناً باهظة. ففي عام 2008، تاريخ حدوث الواقعة، قدّم مصطفى ساعة ثمينة كـ«هدية» لوزير الإعلام المصري آنذاك، أنس الفقي، ليطلّ على شاشة التلفزيون المصري، مدافعاً عن نفسه، قبل أن تُرفع عنه الحصانة ويُزجّ به في السجون ويُدان بالإعدام في حكم أوّلي، جرى تخفيفه إلى السجن لاحقاً، قبل أن يَخرج بموجب عفو رئاسي. وإلى جانب ذلك، عقد مصطفى تسويةً مع أسرة تميم، أفضت إلى تنازل والدها وشقيقها عن الادّعاء المدني ضدّه عام 2010 في بيروت. كما دفع ملايين الجنيهات لتطوير مناطق واسعة في العاصمة الإدارية الجديدة فور خروجه من السجن، باعتباره أحد أكبر المطوّرين العقاريين، وصولاً إلى جذبه شركاءه الخليجيين لشراء قطع أراضٍ من الدولة بالعملة الصعبة، وتنفيذ عمليات بناء واسعة النطاق في المناطق الصحراوية التي ترغب الحكومة في تنميتها.
هكذا، تعامل مصطفى، وهو أحد أبرز رموز «الحزب الوطني» خلال فترة حكم نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك، مع الدولة بـ«اللغة» التي تفهمها؛ أي لغة المال الذي يغدَق على الجميع في سبيل إيجاد مخارج قانونية من خطيئته. لا بل استطاع الرجل، هذه المرّة، ومن خلال مساهمته في إتمام عدّة صفقات متعثّرة للحكومة مع شركاء خليجيين، استعادة حقوقه السياسية المحروم منها عبر «ردّ الاعتبار»، المشروط بمضيّ 6 سنوات على انتهاء العقوبة، وهي المدّة التي انتهت بالفعل خلال العام الحالي. وهكذا، أصبح بمقدور مصطفى الترشّح لانتخابات البرلمان بغرفتيه، كما وتولّي أيّ منصب وزاري مستقبلاً. ويأتي هذا بينما تتزايد أعماله «الداعمة للدولة»، سواء تلك الخيرية التي باشرها عبر شركاته وأذرعها المختلفة، أو حتى عبر استعداده لتمويل جزء من حملة الرئيس عبد الفتاح السيسي الانتخابية، وهو ما يبدو أنه سيتحقّق له.