الخرطوم | خرج قائد قوات «الدعم السريع» في السودان، محمد حمدان دقلو «حميدتي»، في تسجيل صوتي عبر موقع «إكس»، ليؤكد أن الحرب «ستنتهي قريباً»، آملاً أن يعمّ السلام البلاد. وقال «حميدتي»: «نحن نقاتل من أجل السودان، ولكن الفلول يقاتلون من أجل السلطة»، مستدركاً بأن «الجميع ضحايا في الحرب التي تدور في البلاد». وأشار إلى أنه اقترح على قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، «دمج الجيش والدعم السريع لخفض التوتر قبل اندلاع الحرب»، نافياً أن تكون قواته «هي التي بدأت الحرب»، ومدّعياً بأن عددها «قد تضاعف منذ بدء الحرب». يأتي ذلك في وقت تدور فيه تساؤلات حول حقيقة الجهة التي تتّخذ القرارات داخل «الدعم»، وخصوصاً أن مراقبين عسكريّين يعتقدون بأن هذه الأخيرة تنفّذ «تعليمات مدروسة» من قِبَل جهة خارجية «خفيّة»، فيما ينفي مسؤول في «الدعم»، لـ«الأخبار»، وجود أيّ جهات خارجية أو داخلية ذات تأثير في قرارات «حميدتي». وتشكّلت هذه القوات، ابتداءً، كمجموعات عسكرية باسم «الجنجويد»، وهي ميليشيات من قبائل متعدّدة تشير بعض الروايات إلى أنها ذات أصل عربي. وأسّس «الجنجويد» الشيخ موسى هلال، زعيم عشيرة المحاميد التي تنحدر من قبيلة «الزريقات» العربية، وهو ابن عمّ «حميدتي». وفي 2007، انشق الأخير عن هلال، بينما أقرّ البرلمان السوداني، في 2017، قانون قوات «الدعم السريع»، وأجاز تبعيّتها للجيش. وحول كيفية اتخاذ القرارات داخلها، يعتقد المتحدث باسم القوات المسلحة السودانية الأسبق، الصوارمي خالد سعد، أن المؤشرات تُظهر أن «حميدتي غائب عن قيادة العمليات العسكرية، وأن أيّ تواصل معه يكون عبر واسطة، ولا يوجد ردّ مباشر منه حتى عبر الهاتف». ويضيف سعد، في حديث إلى «الأخبار»، إن «كلّ قيادات الدعم السريع العليا، ومن بينها نائب "حميدتي" عبد الرحيم دقلو، واللواء عثمان حامد، واللواء حسن محجوب، هي أيضاً قيادات غائبة تماماً عن المشهد». من هنا، تَبرز بحسب المتحدّث العسكري السابق، «مشكلة من يقوم باتّخاذ قرارات "الدعم"، في ظلّ عدم وجود قيادات عليا تؤدّي مهامها بطريقة مباشرة ومعلومة للجميع». في المقابل، يؤكد المسؤول في إعلام «الدعم السريع»، نزار سيد أحمد، لـ«الأخبار»، «وجود تواصل مباشر بين القيادات العليا لقوات الدعم والقيادات الميدانية على مدار الساعة يومياً».
لم تَظهر أيّ إحصاءات رسمية عن عديد قوات «الدعم السريع»


وحول ما يقال عن تعامل «الدعم السريع» مع جهات خارجية، يرى سعد أن «تلك القوات تتعاون مع بعض دول الجوار والإقليم القريبة والبعيدة، وهذه الدول جميعها تتّخذ القرارات بفعالية»، معتبراً أن «قرار خوض حرب الشوارع اتُّخذ من جهة خفيّة داعمة لمعظم قرارات "الدعم"». لكن سيد أحمد ينفي أن «تكون هناك أيّ جهات خارجية أو داخلية لديها أيّ تأثير على قرار قائد الدعم السريع»، موضحاً أنه وفقاً لما يعرف بالقيادة والسيطرة الميدانية، فإن «القرار يَصدر عن القائد الأعلى، الفريق محمد حمدان دقلو، إلى المستويات الدنيا تراتبياً». ومع ذلك، يعتقد الخبير العسكري، شاكر شمس الدين، أن «قوات الدعم السريع، بناءً على المجريات الميدانية، تفتقد القيادة لإدارة العمليات العسكرية، وأصبح جنودها عبارة عن مجموعات كبيرة مشتّتة من دون هدف استراتيجي». ويضيف شمس الدين، في تصريح إلى «الأخبار»، إن «انقطاع التواصل بين قيادة "الدعم" وقواتها الميدانية أدى إلى نتائج عكسية وتفشي النهب، وخاصة من قبل المجموعات القادمة من دول الجوار لتقاتل معها، على عكس ما يقوم به الجيش من عمليات عسكرية نوعية ومخطّطة لتحقيق أهداف محدّدة». ويتابع أن «هجومهم المستمرّ كمجموعات كبيرة على سلاح المدرعات في حيّ الشجرة جنوبي الخرطوم بغرض تحقيق نصر استراتيجي غير ذي فائدة، ويدلّ على غياب أيّ تخطيط ممنهج».
ولم تَظهر أيّ إحصاءات رسمية عن عديد قوات «الدعم السريع»، لكن بحسب بعض وسائل الإعلام، فإنّ هذا العديد يتراوح بين 60 ألفاً و100 ألف من الجنود والضباط، وهم يتوزّعون على مراكز ومقارّ في العاصمة الخرطوم ودارفور ومدن أخرى، بالإضافة إلى وجودهم على الحدود مع ليبيا وإريتريا. وتملك «الدعم» ما يقارب 10 آلاف سيارة رباعية الدفع، مصفّحة ومزوّدة بأسلحة رشاشة خفيفة ومتوسطة ومضادات للطائرات، كما تمتلك وحدة مدرعات خفيفة من طراز «بي تي آر» (BTR).