القاهرة | قرّرت الحكومة المصرية تمديد تقنين التيار الكهربائي إلى أجل غير مسمى وبشكل يومي تناوبي على مختلف المحافظات والمدن المصرية، مع إطالة فترة انقطاع التيار لتصل إلى ساعتين بدلاً من ساعة واحدة كحد أقصى، في خطوة اتُّخذت بعد اجتماعات عدة خلال الأيام الماضية. ولجأت الحكومة إلى تخفيف الأحمال حتى مع تراجع الاستهلاك على خلفية تحسّن الطقس، لتجنب تحميل موازنة الدولة مزيداً من الأعباء المالية، مع ارتفاع أسعار النفط عالمياً، في خطوة يبدو أنها ستستمر لفترة ليست بالقصيرة خلال الأيام المقبلة، بعدما جمّدت في مطلع تموز الماضي قرار زيادة أسعار الكهرباء بناءً على توجيهات من الرئيس عبد الفتاح السيسي.خطة ترشيد الكهرباء بقطع التيار لمدة ساعتين يومياً تزيدان في بعض المناطق النائية وتقلان قليلاً في القاهرة الكبرى، دخلت حيز التنفيذ منتصف الأسبوع الماضي بالتزامن مع محاولة الحفاظ على دعم كهرباء «صفر» في الموازنة العامة للدولة، ما أثار غضباً شعبياً واسعاً باعتبار أن مشاريع الكهرباء العملاقة الجديدة التي جرى إنشاؤها، كانت أحد الإنجازات التي تتغنّى بها الحكومة المصرية. وشمل قرار تمديد قطع التيار هذه المرة استثناءات عديدة من بينها جهات سيادية، إلى جانب بعض المستشفيات الكبرى والمناطق التي توجد فيها منازل لمسؤولين كبار، في خطوة أثارت غضب كثيرين عبّروا عن ضيقهم من وجود بعض المناطق، خاصة الملاصقة لجهات أمنية، مضاءة بشكل كامل طوال الوقت.
وبينما تواصل الحكومة تجميد خطة رفع الدعم التدريجي عن الكهرباء لتباع بسعر التكلفة للمواطنين حتى كانون الثاني المقبل، مراعاة للضغوط التضخمية وارتفاع الأسعار، فإن تحضيرات مكثّفة لتحريك سريع وواسع لأسعار الكهرباء يُتوقّع أن تشهدها البلاد بعد الانتخابات الرئاسية التي تدرس السلطات إجراءها قبل نهاية العام الجاري، وهو ما يأتي ضمن خطة الإصلاح الاقتصادي التي تطبّقها الحكومة بمتابعة من "صندوق النقد الدولي". وتأتي الخطوة المطلوبة من الصندوق ضمن تفاصيل عملية المراجعة التي تتم بشكل دوري لبرنامج الإصلاح الاقتصادي، والتي تتطلّب رفع الدعم بشكل كامل عن قطاع الكهرباء، علماً أن خطة الحكومة التي جرى اعتمادها لرفع الدعم خلال 5 سنوات بداية من عام 2016 بعد الحصول على القرض الأول من صندوق النقد بقيمة 12 مليار دولار، لم تُستكمل بسبب تخفيض قيمة الزيادات المفترض إقرارها على خلفية تراجع قيمة الجنيه وزيادة أسعار النفط، ما كان يستدعي زيادة الكهرباء بأسعار قياسية لا تتناسب مع متوسطات الأجور في مصر.
لا تقدّم الحكومة أي دعم في موازنتها السنوية لقطاع الكهرباء منذ نحو 4 سنوات


وبينما رفعت الحكومة الدعم بشكل كامل عن مستخدمي الكهرباء بكثافة من خلال حذف الدعم عن الشرائح الأعلى استهلاكاً، إلا أن الشرائح المتوسطة والدنيا لا تزال تتلقّى دعماً كبيراً مع الأخذ في الاعتبار اعتماد سياسة الدعم التبادلي بين الشرائح، بحيث يتم بيع الكهرباء بأسعار أعلى للمستهلكين بكثافة، في مقابل إنفاق العائد من البيع لصالح الشرائح الأقل وهو الأمر الذي يفترض إنهاؤه قريباً. ولا تقدم الحكومة أي دعم في موازنتها السنوية لقطاع الكهرباء منذ نحو 4 سنوات، بعدما كان دعم قطاع الكهرباء يُقدر بنحو 27 مليار جنيه في موازنة عام 2014، لكن تبقى المشكلة الرئيسية في الوقت الراهن أمام الحكومة في عدم قدرتها على زيادة الأسعار مجدداً على الشرائح الأقل دخلاً، بجانب تضررها من نقص العملة الصعبة التي تستورد بها المشتقات البترولية المشغِّلة للمحطات، وبالتالي حاجتها إلى زيادة الأسعار حتى على الشرائح الدنيا، مع تفضيل الحكومة تصدير الغاز بدلاً من استخدامه محلياً في محاولة لإدخال العملة الصعبة في ظل أزمة اقتصادية خانقة.
وتعكف الحكومة على صياغة خطة جديدة تؤمّن فيها مساواة في أسعار الكهرباء بين الشرائح المختلفة، مع توفير دعم للفئات الأكثر احتياجاً بشكل مادي، بجانب الانتهاء من تحرير سعر الكهرباء بشكل كامل، وهو الأمر الذي جرت الاستعانة فيه بتجارب دولية عدة أملاً في الانتهاء من صياغة خطة جديدة بدلاً من الخطة الحالية التي أخفق تنفيذها عدة مرات.