بغداد | أثار قرار إجراء تصويت على مشروع قانون في مجلس النواب العراقي، يقضي بتحويل مدينة حلبجة إلى محافظة مستقلة، بناءً على طلب قوى كردية، حفيظة قوى سياسية عربية وتركمانية نافذة، طالبت بتحويل بعض الأقضية الأخرى إلى محافظات، غير أن غياب التوافق بين الأطراف السياسية عطّل إقرار القانون، مطلع الأسبوع الماضي. وكان مجلس النواب قد أنهى، في نيسان الفائت، القراءة الأولى لمشروع قانون يخص مدينة حلبجة لتكون المحافظة الرقم 19 في البلاد، والرابعة في إقليم كردستان، إلى جانب محافظات أربيل والسليمانية ودهوك، فيما تطالب قوى سياسية عربية وتركمانية بتحويل بعض الأقضية إلى محافظات، مثل قضاء تلعفر وهو أكبر أقضية محافظة نينوى في شمال البلاد، وقضاء طوزخورماتو في محافظة صلاح الدين، وقضاء الفاو في محافظة البصرة جنوباً، وغيرها.وتعدّ حلبجة راهناً من المدن التابعة لمحافظة السليمانية، وتقع في أقصى شرقها، وتبعد عن بغداد نحو 240 كيلومتراً إلى الشمال الشرقي، ولا يفصل بينها وبين الحدود الإيرانية سوى 14 كيلومتراً فقط.
واكتسبت المدينة شهرتها من تعرّضها في 16 آذار 1988 لهجوم بالأسلحة الكيماوية، التي ألقتها طائرات الجيش العراقي السابق بأمر من صدام حسين، ما أدى إلى مقتل خمسة آلاف كردي عراقي، معظمهم من النساء والأطفال، في قصف عدّه الخبراء أخطر هجوم بالغاز يستهدف مدنيين.
وتعرب النائبة عن حزب «الاتحاد الوطني الكردستاني»، سروة محمد رشيد، في تصريح إلى «الأخبار»، عن أسفها إزاء عدم التصويت على مسوّدة القانون، «لأنه وفق منهاج الحكومة الحالية، كان موضوع حلبجة إحدى فقرات التفاوض بين حكومة إقليم كردستان والحكومة الاتحادية، وأن مجلس الوزراء صوّت على مسوّدة القانون وأرسلها إلى البرلمان. لكن مع الأسف، خلال الجلستين الماضيتين، لم يتم التصويت على قضية حلبجة». وتشير إلى «وجود بعض المشاكل بين النواب الذين يطالبون بأن تكون بعض الأقضية محافظات جديدة حالها حال حلبجة التي حان الوقت للتصويت عليها وجعلها ضمن محافظات العراق، والمحافظة الرابعة في إقليم كردستان». وتلفت رشيد إلى أن «25 نائباً طالبوا بتأجيل التصويت على مشروع قانون حلبجة. ووفق النظام الداخلي للمجلس، يستطيع هذا العدد من النواب التوقيع على طلب تأجيل وتقديمه إلى المجلس». وتردف أن النواب الموقّعين «ليس بينهم أكراد، وإنما هم من الأحزاب العربية، ولا سيما من الإطار التنسيقي وائتلاف دولة القانون».
من جانبه، يرى عضو اللجنة القانونية النيابية، رائد حمدان المالكي، أن «موضوع حلبجة هو موضوع خلافي على اعتبار أن هناك مطالب أخرى بالإضافة إلى استحداث حلبجة، منها استحداث محافظات في مناطق أخرى مثل تلعفر وسامراء». ويؤكد المالكي، لـ«الأخبار»، أن «الموضوع، من جانب آخر، له بعد سياسي، لأن أي محافظة تُستحدث لا بد أن تُمثَّل في بعض الهيئات الاتحادية مثل مجلس الاتحاد مستقبلاً، وهيئة مراقبة تخصيص الواردات الاتحادية وهيئة ضمان حقوق الأقاليم، وبالتالي فإن استحداث محافظة سوف يعطي تمثيلاً إضافياً في الموازنة المالية وغيرها من الاستحقاقات للكرد». ويبيّن أن «هذا الموضوع من الناحية القانونية محل خلاف لأنه يمسّ أكثر من طرف، وليس خاصاً بمكوّن واحد. وقد تكون حلبجة خاصة بالمكون الكردي، لكن مع طلب استحداثها، هناك طلب استحداث تلعفر وسامراء، وهذا يخلق تقاطعاً بين المكونين السني والشيعي».
قوى عربية وتركمانية تربط موافقتها على حلبجة بتحويل بعض الأقضية الأخرى إلى محافظات


أما القيادي في «الحزب الديموقراطي الكردستاني»، محما خليل، فيعتقد أن «من المُعيب عدم إعطاء حق لحلبجة، إجلالاً وإكباراً لدماء شهداء العراق وشهداء حلبجة. فالمرة الأولى في التاريخ التي وقف فيها المجتمع الدولي مع الشعب العراقي وفرض عقوبات ضد النظام الديكتاتوري البائد، كانت بسبب قضية حلبجة، وكل ما هو موجود في العملية السياسية الحالية كان بفضل دماء شهداء العراق ودماء حلبجة». ويقول خليل، لـ«الأخبار»، إن «الكتل التي اعترضت أعطت انطباعاً سلبياً، لأنها لا تعطي حقوق المظلومين. كان الأولى، ونحن اليوم نمرّ بهذه الظروف، أن تربط هذه الكتل السياسية حلبجة بقضية تلعفر وطوزخورماتو».
ويشدد خليل على أن «هناك اتفاقاً سياسياً على المسألة. وكان أحد مطالب البيت الكردي لتشكيل حكومة محمد شياع السوداني إدراج حلبجة كمحافظة عراقية جديدة لها تمثيل في الحكومة والبرلمان». ويتابع أن «من المعيب أن يتم التوقيع على الاتفاقيات عندما تكون هناك مصالح بيننا، وبعد انتهاء المصالح يتم تهميش مطالبنا وعدم التوقيع عليها، وهذا ليس من شرفية الكلمة».
في المقابل، يؤكد النائب عن كتلة «ائتلاف دولة القانون» النيابية، فيصل النائلي، لـ«الأخبار»، أن «مطالبنا تتلخّص باستحداث محافظات جديدة في أقضية تلعفر وطوزخورماتو وسامراء وغيرها، وبالتالي هذا يحتاج إلى توافق سياسي حتى لا تكون هناك تداعيات سلبية مستقبلاً».