وتتوقّع «الهيئة الوطنية للانتخابات» إعلان نتيجة الانتخابات قبل منتصف كانون الثاني المقبل، فيما يُفترض أن تبدأ ولاية الرئيس الجديد يوم 30 حزيران 2024، وهو ما يعني أنه في حال فوز مرشح آخر بخلاف السيسي سيكون لدى مصر رئيسان، الأول منتخب ولن يتمكن من ممارسة عمله إلا بعد انتهاء ولاية السيسي، والثاني موجود في السلطة يباشر مهام عمله. وهو أمر لا يتّسق مع المنطق في أي دولة ديموقراطية، لكنّ «الهيئة» تتصرف على أساس أنها ستعلن اسم السيسي رئيساً لمصر حتى عام 2030 في انتخابات تشبه الاستفتاءات الرئاسية التي كانت تجري أيام نظام مبارك.
يحاول النظام إظهار «حب الناس وتأييدهم»، كنوع من «الاستفتاء الشعبي»، الذي تقابله صناديق إعاشة مجانية
كذلك، تعكس تصريحات رئيس الهيئة، التي عيّن السيسي أعضاءها بينما تزعم استقلالها الكامل وانفرادها بالقرارات، وجود نية راسخة في الدولة وأجهزتها بالتوجه نحو التصويت على تعديلات دستورية جديدة خلال عام 2024، من شأنها إعادة الإشراف القضائي على الانتخابات، ومنح السيسي فرصة الترشح مرات أخرى بعدما كان يفترض أن تكون ولايته الحالية هي الأخيرة بموجب الدستور الذي عُدّل في عام 2019، ليحمل بنداً استثنائياً مرتبطاً به شخصياً.
ووفق الجدول الزمني نفسه، من المفترض أن تتلقّى الهيئة الوطنية للانتخابات طلبات الترشح خلال الفترة من 5 إلى 14 تشرين الأول المقبل، على أن تقوم بنشر القائمة المبدئية لأسماء المرشحين يوم 16 تشرين الأول مع استمرار فحص طلبات الترشح والفصل في الاعتراضات خلال الفترة من 19 حتى 21 تشرين الأول. أما إخطار المستبعدين من السباق الانتخابي بأسباب الاستبعاد فسيكون يوم 22 كانون الأول، فيما تستمر الحملات الانتخابية في الفترة من 9 تشرين الثاني إلى 8 كانون الأول المقبل، وتُسلم المحاضر الخاصة بالفرز للجان العامة بعد آخر أيام الاقتراع التي سيستمر فيها العمل من 9 صباحاً حتى 9 مساءً.
ومع إعلان دعوة الناخبين للاقتراع في الانتخابات الرئاسية، وقبل أن يعلن الرئيس قراره رسمياً بخوض الانتخابات، كان المئات من المواطنين يتهافتون على أبواب مكاتب «الشهر العقاري» المكلّفة بجمع التوكيلات من المواطنين. وبينما قبول ترشّح السيسي للانتخابات لا يحتّم عليه جمع 25 ألف توكيل من 15 محافظة مختلفة على الأقلّ، بواقع ألفٍ من كلّ منها في الحدّ الأدنى، إذ يكفي تزكيته من قبل 20 عضواً على الأقل من مجلس النواب، يحاول النظام إظهار «حب الناس وتأييدهم» للسيسي، كنوع من «الاستفتاء الشعبي»، الذي تقابله صناديق إعاشة مجانية.
أيّاً يكُن، فإن السيسي وحده مطالبٌ بالاستجابة لمخرجات «الحوار الوطني» وتنفيذها - كما تعهّد -، خاصّة أن «الثرثرات» التي تحدث في جلسات «الحوار» لا تتضمّن جديداً عن مطالب القوى السياسية المعارضة التي يغيب ممثلوها عن تفاصليها، في وقت يُفترض أن يكون قرار الهيئة مستقلاً وعدم تأثّره بتوجّهات أحد المرشحين المحتملين، ومن بينهم الرئيس الحالي.