القاهرة | خلافاً للمقصود منه، تسبّب السجال الجديد بين المرشّح الرئاسي المحتمل، أحمد طنطاوي، والدولة المصرية بما فيها «الهيئة الوطنية للانتخابات»، بانفراجة في تسهيل عملية تسجيل توقيعات التأييد الخاصة بطنطاوي، بعد وقائع اعتداء على أنصاره، سُجّلت في الأيام الماضية. فمع انتهاء المؤتمر الصحافي لـ«هيئة الانتخابات»، الإثنين الماضي، والذي تخلّله إعلان الجدول الزمني لمسار الانتخابات الرئاسية، وتقريب موعدها إلى كانون الأول المقبل، كان المئات من أنصار السيسي ينتظرون أمام مكاتب الشهر العقاري، التي خصّصتها «الهيئة» لتسجيل التوكيلات، لتأييد ترشيحه لولاية جديدة مدتها 6 سنوات، فيما تعرّض أنصار طنطاوي لمضايقات أمام عدد من المكاتب، بسبب إحداث الزحمة المتعمّدة بما يجعل أنصاره لا يستطيعون توثيق ترشيحه، والتي وصلت إلى حدّ الاشتباك والاعتداء عليهم من قبل حشود جرى تجميعها وتنظيمها. ومع عدم تمكّن أنصار طنطاوي من تصوير وتوثيق غالبية الاعتداءات، نفت «هيئة الانتخابات» حدوثها، في بيان رسمي تضمّن تهديداً باللجوء إلى القضاء ضد أيّ مرشح ينشر أخباراً تشكّك في «استقلالية» الهيئة، وذلك بعد تصريحات عنيفة من طنطاوي بشأن عملية تقويض أنصاره من تسجيل التوكيلات الخاصة بهم في الشهر العقاري.وعلى الرغم من حصد السيسي توكيلات عشرات النواب من حزب «مستقبل وطن»، صاحب الأغلبية البرلمانية، إلى جانب النواب المنتمين إلى الأحزاب المدعومة من الأجهزة الأمنية الذين قطعوا العطلة البرلمانية لتوقيع نماذج تزكيته لفترة رئاسية جديدة، جاء الحشد للرئيس بشكل منظّم ليستهدف جمع مليون تفويض كحدٍّ أدنى، في محاولة لـ«ترويج الحشد باعتباره تحركات شعبية منفردة»، بحسب مصادر «الأخبار»، التي أشارت إلى أن الجهات الأمنية حرصت على توليف هذا المشهد، تنفيذاً لرغبة السيسي، إذ تمكّنه التوكيلات من مواجهة أيّ انتقادات محتملة، بزعم أن ترشّحه يلبّي المطالب الجماهيرية». وجاءت هذه التحركات «بالتنسيق مع رجال الأعمال الذين وجّهوا العمال باستقلال حافلات لإصدار التوكيلات للسيسي، وعدد من مؤسسات الدولة التي قدّمت موادَّ غذائية ولحوماً للمواطنين والعائلات في المناطق الأكثر فقراً، مقابل توقيعهم على بيان التوكيل ورفع صورة السيسي وعلم مصر». وكان بدأ تحرّك أجهزة الدولة بإصدار تقارير عن إنجازات 10 سنوات في ظل حكم السيسي، مروراً بجمع بطاقات الموظفين في عدة محافظات من أجل إبرام توكيلات بأسمائهم، وصولاً إلى إلزام البعض بالمشاركة في تأييد الرئيس من خلال تدوينات عبر حساباتهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة.
بدأ طنطاوي زيارات للمدن المصرية للتأكيد على وجود حاضنة شعبية له


ولم تقتصر التوكيلات البرلمانية على السيسي، إذ يحرّر نواب حزب «الوفد»، المؤيّد للرئيس، استمارات تزكية لرئيس الحزب، عبد السند يمامة، من أجل منافسة السيسي شكلياً في السباق الانتخابي. كذلك دخل السباق الانتخابي رئيس «الحزب المصري الديموقراطي»، فريد زهران، بتزكية عدد من النواب، ورئيس حزب «الشعب الجمهوري»، حازم عمر، الذي تقدّم باستقالته من مجلس الشيوخ الذي عُيّن فيه بقرار من السيسي ليخوض الانتخابات. أما رئيسة حزب «الدستور»، جميلة إسماعيل، فلم تحسم آلية خوضها سباق الانتخابات الرئاسية، بعدما أبدت رغبتها بالترشح.
وفي مقابل حملة السيسي المنظّمة والمدعومة بشكل قوي من مختلف أجهزة الدولة، وبعدما فضّلت غالبية راغبي الترشح اللجوء إلى توقيعات نواب البرلمان باعتبارها «الأسهل» لهؤلاء، يعوّل طنطاوي، وحيداً، في الوقت الراهن، على التوكيلات الشعبية، فيما تعمل حملته على جمعها من المصريين في الداخل والمقيمين في الخارج عبر السفارات والقنصليات المختلفة، وإيصالها إلى مقرات الحملة الخاصة، لتسابق «الجدول الزمني» القصير الذي وضعته «هيئة الانتخابات» والذي اقتصر على أقل من 20 يوماً، والذي كان قد أعاقه تعليق الحملة لمدة يومين على خلفية الاعتداءات، في وقت تتداول فيه معلومات عن بوادر مشكلات داخل الحملة متعلّقة بمسؤولية منسّقي المحافظات.
وفي حال لم يتمكّن طنطاوي، الذي بدأ الزيارات للمدن المصرية المختلفة للتأكيد على وجود حاضنة شعبية له، من جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لخوض الترشح قبل 16 تشرين الأول المقبل، فلن يكون قادراً على خوض السباق الانتخابي، وهو الأمر الذي تضغط أجهزة الدولة لتحقيقه في الوقت الراهن لتجنّب سجالات أعمق خلال الحملة الانتخابية ومضايقات قد يكون تأثيرها سلباً على النظام، مقابل مضايقات مقبولة وأغلبها متوقّع من مرشحين آخرين محتملين، وفي مقدّمتهم زهران، الذي قالت أجهزة الدولة إنه حصل على التزكيات اللازمة من نواب البرلمان.
وفي هذا السياق، انتقدت «الحركة المدنية الديمقراطية» ضيق الوقت اللازم من أجل جمع توكيلات المرشحين، معتبرة أن هذه الفترة بمثابة محاولة لتعجيز المرشحين ومنعهم من جمع التوكيلات اللازمة لخوض سباق الترشح مع انتهاء فترة الدعاية القصيرة وما وصفته الحركة بـ«إعاقة» مرشحي المعارضة من العمل على التواصل مع الجمهور ودعوتهم لعمل توكيلات شعبية وخلق مناخ انتخابي جادّ يسمح للمرشحين بتقديم أنفسهم ويسمح للمؤيدين بتحرير التوكيلات اللازمة.