القاهرة | منذ انطلاق عملية «طوفان الأقصى»، شَخَصت الأنظار نحو مصر، والدور الذي ستلعبه في ضبط المواجهة المتصاعدة. وفيما اعتبرت القيادة المصرية أن المواجهة الجديدة تأتي نتيجةَ تجاهل التعامل الجدّي مع الأزمة، وتكرار الانتهاكات والاستفزازات من جانب إسرائيل، خلال الأشهر الماضية، بدا موقف القاهرة واضحاً لجهة دعم فصائل المقاومة الفلسطينية، والمعبّر عنه في الاتصالات والمشاورات المكثّفة التي جرت على أكثر من مستوى، في اليومَين الماضيَين. وذكرت مصادر مطّلعة، في حديث إلى الأخبار»، أن القاهرة أكّدت، في الاتصالات التي تلقّتها، «عدم قدرتها على إجبار حركة حماس على التراجع عن التصعيد، والاستجابة لمطلب وقف إطلاق النار»، فيما يجري التفاوض معها حول «التأكّد من سلامة الأسرى الإسرائيليين»، على أن يصار لاحقاً إلى بحث إمكانية عقْد صفقة تبادل يخرج بموجبها عدد من الأسرى الفلسطينيين المعتقلين في السجون الإسرائيلية، متوقعةً ألّا يتمّ ذلك «قبل عدة أسابيع». ونقلت المصادر تحذيرات القاهرة من «استمرار التصعيد العسكري، وتبعاته على كلّ الأطراف»، وسط تشديدها على «ضرورة اللجوء إلى الحوار ووقف التصعيد الإسرائيلي والتهديد باستخدام القوّة المفرطة»، وهو الأمر الذي تعتبره السلطات المصرية، وفق المصادر، «أولوية في الوقت الحالي، ليس لدعم مسار التهدئة فحسب، ولكن أيضاً لإيجاد بيئة دائمة للاستقرار وليس بنية هشّة تشتعل بين الحين والآخر». على أن السلطات المصرية ركّزت في الاتصالات التي جرت على مستويات متعدّدة، من الرئاسة ووزارة الخارجية مروراً بالمخابرات، وفق المصادر، على «ضرورة التعامل بشكل حازم مع الوضع وعدم استغلال الفرصة من أجل الوصول إلى هدنة هشّة تتحرّك بعدها تل أبيب بعنف تجاه قطاع غزة»، وهي المخاوف التي عبّرت عنها الأطراف المصرية علناً، كما عن رفضها استهداف المدنيين من كلا الجانبَين. وفي الاتصالات نفسها، أكّدت مصر ضرورة أن يُؤخذ «الوضع الإنساني في الاعتبار»، وألّا يُسمح بنقص السلع الغذائية في الأسواق، وهو ما يجعل احتمالية فتح معبر رفح لتقديم المساعدات الإنسانية أمراً وارداً خلال الأيام المقبلة، في حال تصعيد الحصار على القطاع، إذ ترى القاهرة في ذلك «موقفاً إنسانياً ليس مرتبطاً بأيّ دوافع سياسية»، بحسب المصادر.
سهّلت السلطات المصرية عملية إجلاء السياح الإسرائيليين الذين تكدّسوا في معبر «طابا»


أمّا على صعيد الاتصالات التي جرت بين القاهرة وتل أبيب، فنوقشت أمورٌ عدّة، من بينها «تأمين الحدود التي تعهّدت مصر من جانبها بعدم استغلالها ضدّ إسرائيل، ووفق الضوابط الأمنية المتّفق عليها، مع تشديد الرقابة عليها»، وفق المصادر التي لفتت إلى أنه «جرى تعزيز التواجد على الجانب المصري بتنسيق مسبق مع الجانب الإسرائيلي الذي سحب بعض قواته من الشريط الحدودي في سيناء».
في غضون ذلك، أقدم أمين شرطة مصري على إطلاق النار على فوج من السيّاح الإسرائيليين في الإسكندرية، ما أسفر عن مقتل اثنين منهم، إلى جانب مرشدهم المصري. وعلى إثر ذلك، أوقفت الشرطة المصرية، الشرطي وبدأت التحقيق معه، في حين تحاول الأجهزة الأمنية تبرير ما جرى على أنه إطلاق نار حدث «بشكل خاطئ». ووفق الرواية التي تعمل أجهزة الدولة على صياغتها، فإن الشرطي «إمّا أنه قدّر الوضع الأمني بشكل خاطئ، فأطلق النار على الفوج السياحي خلال تحرّكه، أو أنه لم يدرك تفاصيل الحادث بشكل سريع»، وذلك على رغم أن الفيديوهات المتداولة أَظهرت تفرّق أماكن المصابين والقتلى، ما يؤكّد أن إطلاق النار لم يكُن عن طريق الخطأ. ووسط تعليمات أمنية مشدّدة في شأن تشديد الحراسة على السياح الإسرائيليين الموجودين داخل الأراضي المصرية، وخاصة في سيناء، ألغت شركات سياحة إسرائيلية حجوزات لرحلات كان يُفترض أن تستمرّ حتى نهاية العام بإجمالي حجوزات تجاوز عشرات آلاف السياح، مع البدء في عملية إجلاء واسعة لآلاف الموجودين.
من جهتها، سهّلت السلطات المصرية عملية إجلاء السياح الإسرائيليين الذين تكدّسوا في معبر «طابا» في طريق العودة، فيما فضّل عددٌ محدود منهم البقاء لاستكمال رحلاتهم وعدم العودة، وهي المجموعات التي جرى التشديد عليها بالبقاء في الفنادق والتحرّك في مجموعات ترافقها الشرطة المصرية، وتجنّب التحرّك الفردي لأفرادها، تخوّفاً من التعرض لأيّ مشكلات أمنية.