لليوم الرابع على التوالي، يجد ذوو الأسرى والمفقودين من المستوطنين الإسرائيليين، أنفسهم، أمام كابوس مرعب، حتى بعدما عيّن رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، القائد العسكري السابق، غال هريش، منسّقاً لشؤون الأسرى والمفقودين. وأتى تعيين هذا الأخير على رغم أنه استقال من منصبه الرفيع في أعقاب عدوان تموز 2006 على لبنان، والذي سبقه أسْر جنديَّين إسرائيليَّين في المنطقة التي كانت تحت قيادته آنذاك، ليُصار إلى التحقيق معه لاحقاً، على خلفية مخالفات تتعلّق بالتهرّب الضريبي.وكشف المؤتمر الصحافي الذي عقده أهالي الأسرى والمفقودين، ليل الإثنين - الثلاثاء، عن فوضى عارمة تعتري قضيّة أبنائهم، الذين لا يزال مصيرهم مجهولاً. وأَطلق هؤلاء، خلال المؤتمر، صرخات غاضبة، ومناشدات للحكومة والمسؤولين الإسرائيليين ومؤسّسات «الدولة»، يطالبونهم فيها بتقديم توضيحات وتحديثات في شأن ما حدث. وقال الأهالي إنه «بعد مضيّ 48 ساعة، نجد أنفسنا أمام كابوس لا ينتهي، وسيناريو لم نكن نتخيّله. نحن أهالي الأسرى والمفقودين، أقرباء من الدرجة الأولى، وعددنا 900 إسرائيلي. هدفنا هو إبلاغ العائلات بكلّ جديد، والتكاتف معاً من أجل إعادة الأسرى والمفقودين إلى عائلاتهم»، مخاطبين كلّ عائلة فقدت أحد أفرادها، بالقول: «لا تواجهوا الأمر بمفردكم، فأمامنا طريق طويل، وأيّام صعبة جدّاً».
وفي الإطار نفسه، قال المستوطن، أوري دود، الذي فقد ابنتَيه، باكياً: «كنت على اتصال معهما صباح السبت. كانتا مستلقيتين على الأرض خائفتَين وباكيتَين، فيما رحتُ أسمع أصوات إطلاق النار وصرخات باللغة العربية. قلت لهما ابقَيا على الأرض، واقطعا أنفاسكما حتى لا يسمعوكما... كان الأمر صعباً... ثلاثون دقيقة وأنا معهم على الهاتف، حتى سمعت أنفاسهما ومن ثم انقطع الاتصال. أطلب من العالم كلّه أن يسمعنا». وأضاف: «أتشارك بمشاعر الحزن مع العائلات، التي تتلقّى من لحظة إلى أخرى أنباء صعبة»، مطالباً «الحكومة بأن تتواصل معنا، فبعد يومين على مضيّ الكارثة، هناك عائلات كثيرة لا تعلم أيّ شيء عن أبنائها». كذلك، طالب دود بـ«لقاء ممثّل عن الحكومة»، ممهلاً الأخيرة، باسم العائلات، «حتى الليلة (أول من أمس) لإعطائنا أجوبة. فبعد مضيّ كلّ هذا الوقت، لم نتلقَّ أيّ معلومة، لا من الشرطة، ولا من المستشفى، ولا من أيّ مؤسّسة أو طرف. نطالب بإجابات، وإنْ لم تكن جيّدة. نريد إعادة أبنائنا في أسرع ما يمكن إلى بيوتنا».
ثمّة فوضى عارمة في قضيّة الأسرى والمفقودين الإسرائيليين، الذين لا يزال مصيرهم مجهولاً


أمّا المُستوطنة ميري ليشم، والدة رومي التي فُقدت آثارها، فقالت إن «رومي عمود البيت. الوسطى بين أخواتها الخمس... كانت حياتنا سعيدة، وأمس تحوّلت حياتنا إلى كابوس. في السابعة من صباح السبت، تلقّيت اتصالاً منها، قالت: أمي إنهم يطلقون النار نحونا، وهناك صواريخ أيضاً، ولا نعرف ماذا سنفعل. وفي الساعة العاشرة والربع، عادت واتّصلت بي، وقالت إنهم أطلقوا النار عليّ وعلى رفاقي في السيارة، أنا خائفة جداً وأظنّ أنّني أموت». وتابعت: « قلت لها: ليس في إمكاننا فعل أيّ شيء، فقط أريد أن أقول أنا أحبّك جدّاً... وفجأة، سمعت صوت إطلاق نار، وكلاماً بالعربية. انقطع الاتصال وليست لدينا أيّ معلومة عن ابنتِي، والثلاثة الآخرين من رفاقها الذين كانوا معها في السيارة، كما لا نعرف حتى أين هي السيارة، فهي غير موجودة حيث جرى إطلاق النار». وأضافت: «توجد هنا فوضى عارمة. نطالب بتلقّي إجابات. لا يوجد ممثّل يحكي معنا. توجد عشرات القوائم التي تضمّ أسماء القتلى أو الأسرى، ومن الصعب جدّاً أن نفتّش في كلّ قائمة جديدة ولا نجد أبناءنا. نأمل أن تجد الحكومة طريقة تتواصل من خلالها معنا، ممثّلاً يمكننا أن نتوجه إليه، وأن نعرف على الأقلّ بمن نتّصل. في إمكان هذه الحكومة التواصل مع رؤساء ومسؤولي الدول في المنطقة من أجل الضغط لاستعادة أبنائنا. اضغطوا عليهم. ما يجري هنا هو جريمة حرب».