ظلّ السؤال عما إذا كان التطبيع بين بعض الدول العربية، ولا سيما السعودية، وإسرائيل، سيكون إحدى «ضحايا» عملية «طوفان الأقصى»، معلَّقاً، في اليوم الثالث للعملية، أمس، مع بروز مخاوف أميركية من أن يغيّر وليّ العهد السعودي، محمد بن سلمان، رأيه بشأن المضيّ قُدماً في العملية. أتى ذلك فيما حسمت الإمارات انتماءها إلى جبهة العدو، ببيان يستنكر العمليات الفلسطينية أثار زوبعة على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث وُصِف بـ«الخسيس».
وذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» أن كبار مساعدي الرئيس جو بايدن سارعوا إلى إعادة تأكيد «الالتزام» بالتوصل إلى تطبيع سعودي - إسرائيلي، حتى مع انخراط إسرائيل في حرب على غزة. وقال مسؤولون أميركيون إنهم تحدثوا هاتفياً إلى مسؤولين سعوديين وإسرائيليين، آملين استمرار محادثات التطبيع. لكن واشنطن كانت تراقب عن كثب ردّ الفعل السعودي على الحرب، لرؤية ما إذا كان ابن سلمان سيغيّر رأيه ويتراجع عن التطبيع، ولا سيما إذا تورّط جيش الاحتلال في عملية في غزة تؤدي إلى سقوط الكثير من الضحايا الفلسطينيين، ما سيثير غضباً في العالم العربي.
وفي بيانه بعد بدء عملية «طوفان الأقصى»، رفض وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان، إدانتها، وألقى باللائمة على إسرائيل، قائلاً إن الحكومة السعودية حذّرت تكراراً «من مخاطر انفجار الوضع، كنتيجة لاستمرار الاحتلال وحرمان الشعب الفلسطيني من حقوقه المشروعة، وتكرار الاستفزازات الممنهجة نفسها للأماكن المقدسة». وبحسب ما نقلت الصحيفة عن مطّلعين، فإن كبار مساعدي بايدن فوجئوا بالبيان السعودي، الذي أغضب أيضاً بعض أعضاء الكونغرس الذين دعموا محادثات التطبيع. وقال أحد هؤلاء، السيناتور ليندسي غراهام، إنه تحدث إلى مسؤولين سعوديين بارزين وأوضح لهم «أنكم إذا أردتم علاقة طبيعية مع الولايات المتحدة، فإن هذا البيان ليس طبيعياً».
حسمت الإمارات انتماءها إلى جبهة العدو ببيان يستنكر العمليات الفلسطينية


من جهتها، نقلت صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية عن الباحث في «صندوق كارنيغي للسلام الدولي»، ديفيد آرون ميلر، قوله: «لنكن واقعيين، التطبيع السعودي - الإسرائيلي أصبح هامشياً. وبغض النظر عن التزام الإدارة الأميركية والسعوديين والإسرائيليين، فإننا على وشك الدخول إلى مرحلة استثنائية في الوضع بين الفلسطينيين وإسرائيل».
في المقابل، استجابت أبو ظبي لطلب أميركي بإدانة العملية، ورأى بيان لوزارة خارجية الإمارات أن «قصف القرى والبلدات الإسرائيلية بالصواريخ هو تصعيد خطير»، وعبّر عن «استياء أبو ظبي الشديد إزاء التقارير التي تفيد باختطاف مدنيين إسرائيليين من منازلهم كرهائن». وشكر السفير الإسرائيلي لدى أبو ظبي، أمير حايك، للإمارات موقفها هذا، قائلاً: «نقدّر موقف الخارجية الإماراتية ضد الإرهاب في ضوء تقارير تفيد بمقتل واختطاف مدنيين إسرائيليين من منازلهم كرهائن».
لكن ذلك البيان أثار زوبعة من الرفض على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث وضع بعض المغرّدين صوراً لمحمد بن زايد وهو يرتدي «غترة» تمثّل علم إسرائيل وعقالاً. وتشارَك الكثير من المغرّدين على منصة «X»، أيضاً، تغريدة تقول: «لو تهتم الإمارات بمواخير الدعارة فيها، وتجري فحوصات إيدز للعاهرات العاملات على أرضها قبل أن يصبح الإيدز فيها كالإنفلونزا، وتترك عمل الرجال للرجال». كذلك، رأى مغردون أن «موقف الإمارات طبيعي لأنها ترى في المقاتلين الفلسطينيين إخواناً مسلمين تجب إبادتهم».
وحتى بين المؤيدين للحكم في الإمارات، خرج من يدعم المقاومة الفلسطينية، فكتبت مغردة تسمي نفسها «بنت زايد» وتضع على حسابها شعار «وطني وقيادتي خط أحمر»، أن «روح المقاومة تجري في شريان الشعب الفلسطيني وجميع الأحرار ولا تنعدم بقرار حكومات».