القاهرة، غزة | بينما يستمر القصف الجنوني الإسرائيلي على قطاع غزة، أبلغت دول عربية وإقليمية حركة «حماس» بأنّها تلقّت طلباً أميركياً بالإفراج عن الأسرى الأميركيين أو حاملي الجنسية الأميركية. وردّت حماس بأن النقاش لن يُفتح قبل وقف العدوان على القطاع. فيما تواصلت المساعي المصرية في شأن إغاثة قطاع غزة، وطلبت القاهرة من دول العالم و«المنظمات الدولية» الراغبة بتقديم المساعدات لغزة «تخفيفاً عن القطاع واستجابة لمعاناته نتيجة القصف الإسرائيلي العنيف والمتواصل»، إيصالها إلى مطار العريش في مصر.ورغم الدعوات لإقامة ممرات إنسانية لإدخال المستلزمات الإنسانية، إلا أن دولة الاحتلال لا تزال ترفض الحديث في هذا الملف قبل استكمال عمليتها العسكرية، فيما ردّت على وسطاء عرب بأنها لن تسمح بإدخال البضائع قبل إضعاف «حماس» بشكل كبير. وكان وزير الطاقة الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، أكّد أمس أن دولته لن تسمح بدخول الموارد الأساسية أو المساعدات الإنسانية إلى غزة حتى إطلاق كل الأسرى، موضحاً أنه «لن يتم تشغيل مفتاح كهربائي ولن يُفتح صنبور مياه ولن تدخل شاحنة وقود».
وأكدت الخارجية المصرية أن «المسؤولية الإنسانية والقيم الأخلاقية العالمية، تحتّم على أصحاب الضمائر الحية في كل بقاع العالم، أن يبادروا إلى تقديم الدعم الإنساني للشعب الفلسطيني الذي يعاني من مخاطر جمّة في الوقت الراهن». وفي السياق، أكّدت مصادر مصرية، في حديث إلى «الأخبار»، أن «القاهرة ترفض بشكل قاطع حصار الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وفرض حصار جماعي».
وطالبت القاهرة إسرائيل بعدم استهداف الجانب الفلسطيني من معبر رفح لتوفير الظروف الملائمة لنجاح جهود الترميم بعد تعرّض الجانب الفلسطيني من المعبر للتدمير نتيجة القصف الإسرائيلي المتكرر، وذلك في أعقاب القصف الذي تعرّض له المعبر وسبّب أضراراً «تعيق وصول العديد من الإمدادات وتؤخّرها خلال الأيام المقبلة»، وفق مصادر مصرية قالت إن «المسؤولين المصريين أكّدوا أن المساعدات الدوائية والغذائية سيتم إدخالها حتى مع التهديد الإسرائيلي باستهدافها عبر الطائرات». وهذه النقطة جرى التواصل فيها مع واشنطن بشكل مباشر، وأكّد الجانب المصري أن «إدخال المساعدات مسألة جوهرية لا تقبل النقاش أو التفاوض لأن القاهرة لن تسمح بفرض عقاب جماعي على أهالي غزة»، وفق المصادر.
وبينما خصّصت مصر مطار العريش لاستقبال المساعدات الإنسانية، وهو الأقرب إلى معبر رفح البري، فإن المساعدات الأولية التي وصلت من الأردن إلى جانب المساعدات المقدّمة من مصر لم يصل منها إلى غزة سوى كميات محدودة للغاية بسبب المفاوضات الجارية حول طريقة توزيع وإدخال المساعدات الإنسانية.
الضغوط تمنع فتح المعابر لدخول المساعدات الإنسانية


أمّا بشأن «توفير مناطق آمنة للمدنيين»، فلفتت المصادر إلى أن القاهرة «تؤكّد ضرورته كي لا يتعرّض هؤلاء للقصف الإسرائيلي بمساعدة وتنسيق مع المنظمات الإغاثية الإنسانية»، وهو أمر «لم يُحسم بشكل نهائي حتى الآن بالرغم من التوافقات التي حدثت في الساعات الماضية». وأشارت إلى أن «المفاوضات المتواصلة مع واشنطن وتل أبيب توصّلت إلى اتفاق مبدئي على إنشاء ممر آمن سيسمح بخروج أكثر من ألف شخص على الأقل ما بين مواطنين أميركيين وأعضاء في منظمات الإغاثة الدولية وموظفين في الأمم المتحدة من خلاله». وأوضحت أن «مصر تطالب بإدخال المساعدات بشكل عاجل وسريع إلى قطاع غزة لتجنّب حدوث أزمة في الغذاء داخل القطاع، خاصة مع منع وصول الإمدادات».
ومن غزة، نقل مراسل «الأخبار» عن مصادر في حركة «حماس» أن مباحثات جرت خلال الساعات الماضية بين قيادة الحركة والوسطاء القطريين والأتراك والمصريين للتوصل إلى تهدئة إنسانية، وهو الأمر الذي توافق عليه «حماس» ويرفضه الاحتلال. إلا أنه نتيجة للضغوط التي تمارسها الدول الأوروبية والأمم المتحدة، وافقت إسرائيل على خروج الأجانب والمسؤولين الدوليين عبر معبر «رفح»، وهو ما ردّت عليه «حماس» بأن فتح المعبر «لن يكون إلا لدخول المستلزمات الإنسانية لقطاع غزة أولاً ثم حل باقي القضايا الأخرى».
وأبلغت قيادة «حماس» الوسطاء بأنّ وضع المواطنين في قطاع غزة «في غاية الخطورة، وأن استمرار الاحتلال في سياسة التجويع لأكثر من مليوني مواطن في قطاع غزة جريمة حرب». كذلك، نقلت «حماس» إلى هؤلاء أنها تتابع المجريات على الأرض، ومن بينها استعدادات الاحتلال لتنفيذ عملية برية ضد قطاع غزة، مؤكّدة أنها مستعدة بشكل مسبق وفق خطط دفاعية لمعركة قد تستمر لأكثر من ستة أشهر سيتم خلالها كسر جيش الاحتلال وإلحاق هزائم جديدة به.
في هذا الوقت، لا تزال إسرائيل ترفض إجراء أي مباحثات مع الوسطاء الذين تلقّوا طلباً أميركياً للحديث مع «حماس» حول قضية الأسرى الأجانب، وخصوصاً الأميركيين منهم، وهو ما ردّت عليه الحركة بأنها «لن تستطيع بحث قضية الأسرى نظراً إلى ظروف الحرب في قطاع غزة وأنها جاهزة لإجراء مباحثات حول هذا الملف بعد انتهاء الحرب».
وكان المستشار الألماني أولاف شولتس، كشف أن الرئيسين التركي رجب طيب إردوغان، والمصري عبد الفتاح السيسي، وأمير قطر تميم آل ثاني، يمكنهم لعب دور مهم في الوساطة وخفض التوتر بين إسرائيل و«حماس»، مشيراً إلى أنه على اتصال وثيق مع السيسي، الذي لديه أيضاً قنوات اتصال مع غزة، فيما سيستقبل في برلين الأمير القطري الذي تلعب بلاده دورَ وساطةٍ مهماً.