على وقع استمرار المقاومة في دكّ مواقع جيش الاحتلال الإسرائيلي على الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة، وصلت إلى بيروت، أمس، وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا في إطار جولة تشمل تل أبيب والقاهرة، في إطار التهويل من «تورّط» لبنان في الحرب التي يشنّها العدو الإسرائيلي على قطاع غزة. علماً أن كولونا لا تزور بيروت بصفتها الرسمية، وإنما كساعي بريد لدول العدوان، خصوصاً الولايات المتحدة والكيان الصهيوني، حاملة رسائل مباشرة تحذّر من انخراط الحزب في الحرب. وفور وصولها، صرّحت الوزيرة الفرنسية بأنها ستدعو كل الأطراف إلى «تحمّل المسؤولية»، وترجمت دعوتها هذه في لقائها مع الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي والطلب إليهما «القيام بكل الجهود المطلوبة لمنع حزب الله من فتح جبهة إضافية»، لأنه «لا بد للبنان أن يبقى في منأى عن النزاع الدائر بين إسرائيل وحماس لأنه لن يتحمّل الدخول في حرب نظراً إلى ظروفه السياسية والاقتصادية».وتحدّثت مصادر مطّلعة عن معلومات غير مؤكدة حول لقاء عقدته كولونا مع مسؤولين في حزب الله كرّرت خلاله «النصيحة» الفرنسية بتحييد لبنان عن الصراع. ونقلت المصادر أن موقف المقاومة «لم يتغيّر منذ بداية الأحداث الأخيرة، وأنها تُبلِغ كل من يتحدّث معها أو ينقل إليها رسائل بأنها تراقب عن كثب تطور مسار المعركة في غزة باعتباره المعيار الذي سيُتخذ الموقف على أساسه»، مؤكدة أن «الحرب على غزة يجب أن تتوقف».
في غضون ذلك، واصلت السفيرة الأميركية دوروثي شيا حراكها في بيروت فالتقت أمس المدير العام للأمن العام بالإنابة اللواء الياس البيسري. وعلمت «الأخبار» أن شيا تحاول في كل لقاءاتها الاستفسار عن أي معلومة أو جو في ما يتعلق بموقف حزب الله، مشدّدة على أن «إسرائيل ستشن عملية برية في غزة»، ومحذّرة من دخول لبنان طرفاً في الحرب. وفي الوقت نفسه، عقد وزير الخارجية عبدالله بو حبيب لقاءات مع سفراء دول كل من الولايات المتحدة وسويسرا وروسيا واليابان والصين وفرنسا والأرجنتين وبريطانيا للتشاور.
معلومات غير مؤكدة حول لقاء عقدته كولونا مع مسؤولين في حزب الله


المسار الدبلوماسي التهويلي لم يُترجم تهدئة في الميدان، إذ استهدفت المقاومة ‏مواقع مسكاف عام، خربة المنارة، هرمون، موقع ريشا وموقع رامية، وأعلنت «تحقيق إصابات مؤكّدة فيها». ‏‏كما أعلنت أن مجموعة الشهيد علي كامل محسن هاجمت موقع الضهيرة الإسرائيلي واستهدفت دبابة ميركافا عند مدخله، ‏واعترف متحدّث باسم جيش العدو بإصابة الدبابة بصاروخ مضاد للدروع. وردّ العدو الإسرائيلي باستهداف أطراف بلدات الضهيرة ويارين والبستان وبركة ريشا، مع تحليق مكثّف لطائرات استطلاع فوق المنطقة. وذكرت وسائل إعلام صهيونية أن جيش الاحتلال أعلن نيته إجلاء المستوطنين الذين يعيشون على مسافة كيلومترين من الحدود اللبنانية الى أماكن أخرى. وقالت صحيفة «معاريف» العبرية إنه رغم عدم شمولها في خطة إخلاء المستوطنات الحدودية، غادرت نسبة كبيرة من المستوطنين مستوطنة كريات شمونة. وفيما يُقلق الغموض حيال ما يمكن أن يُقدم عليه حزب الله في إطار معركة طوفان الأقصى وطبيعة ردّه المرتقبة، قالت القناة 12 إنه «إذا لم يرد حزب لله الآن على إسرائيل، فماذا عن مستقبلنا في ظل وجود قوة صاروخية لا مثيل لها في العالم».
وفي ظل هذا التوتر، حذّرت دول عدة مواطنيها من السفر إلى لبنان، وأعلنت وزيرة الخارجية الكندية ميلاني جولي أن «الكنديين في لبنان يجب أن يفكروا في المغادرة بينما الرحلات الجوية التجارية متاحة». كما أعلنت الخطوط الجوية السويسرية تعليق رحلاتها المتّجهة إلى بيروت حتى 28 تشرين الأول «بسبب الوضع في الشرق الأدنى والتوترات على الحدود بين إسرائيل ولبنان».
سياسياً، طالب رئيس مجلس النواب نبيه بري الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي التي تقيم اتفاقيات تطبيع مع العدو الإسرائيلي بإلغائها فوراً، مؤكداً أن «الدفاع عن غزة وعن فلسطين ليس مسؤولية فصيل فلسطيني بعينه وليس مسؤولية الفلسطينيين وحدهم بل هو مسؤولية الأمة جمعاء». وقال بري في كلمة ألقاها عبر تقنية الـ«فيديو كول» في المؤتمر الطارئ الذي عُقد في الجزائر على مستوى رؤساء المجالس النيابية لاتحاد مجالس الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، إن «المشروع الإسرائيلي الذي يُنفَّذ الآن فوق جغرافيا قطاع غزة بالدم والنار والتدمير والذي يتبارى المستويان السياسي والعسكري في الكيان الصهيوني على التباهي بإعلانه وكشف نياته من خلال العودة إلى التلويح بمخطط الترانسفير للشعب الفلسطيني من قطاع غزة باتجاه شبه جزيرة سيناء إذا ما قُدِّر لهذا المخطط أن يمر هو ليس سقوطاً وقضاءً على القضية الفلسطينية، إنما هو سقوط للأمن القومي العربي والإسلامي»، مشدّداً على «حق الشعب الفلسطيني في نضاله ومقاومته المشروعة بكل الوسائل المتاحة من أجل تحقيق حلمه بالعودة وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف».