مع انقضاء اليوم العاشر على عملية «طوفان الأقصى»، وفيما يتمسّك الاحتلال بإحكام الحصار على قطاع غزة، أملاً في استعادة «هيبته» وأسراه، الذين قدّرهم بنحو 199، خرج الناطق باسم «كتائب القسام»، أبو عبيدة، مساء أمس، ليعلن أن عدد هؤلاء يتجاوز المئتين، موضحاً أن «الكتائب» وحدها لديها 200، فيما هناك نحو 50 أسيراً لدى فصائل أخرى، ومؤكداً مقتل 22 أسيراً بفعل القصف الإسرائيلي، بينما يعيش من تبقّوا منهم أحياء الظروف نفسها التي يعيشها أهل القطاع. كما أكّد أبو عبيدة أن لدى «حماس» أيضاً محتجزين من جنسيات مختلفة، معلناً أنه «في اللحظة التي تسمح فيها الظروف الميدانية بإطلاق سراحهم سنقوم بذلك».أما بخصوص العملية البرّية التي يبدو العدو متردّداً في تنفيذها، فقد حذّر أبو عبيدة الاحتلال من مغبّتها، مؤكّداً أنها «لا ترهبنا ونحن جاهزون لها». وخاطب قادة العدو بالقول: «دخولكم إلينا سيكون فرصة جديدة لمحاسبتكم بقسوة على ما ترتكبونه في حقنا»، مؤكّداً «لكلّ من يريد أن يتدخّل في ملفّ الأسرى، ولأسرانا وأهاليهم، أننا مصرّون على أن نُدخل الفرحة بإذن الله إلى كلّ بيت فلسطيني، وهذا وعد قطعناه على أنفسنا».
ميدانياً، حافظت المقاومة على وتيرة قصفها الصاروخي تجاه المناطق المحتلة، ومن بينها تل أبيب التي تلقّت رشقات عدّة أمس، نغّصت على «الكنيست» اجتماعه، ليَجري إخلاؤه سريعاً بعد افتتاح دورته الشتوية. ولم تبخل المقاومة بصواريخها، أيضاً، على اجتماع «كابينت الحرب» في مقرّ «الكرياه»، والذي توقّف عن الانعقاد أيضاً بعدما دوّت صفّارات الإنذار، ليهرع أعضاؤه إلى الملاجئ، برفقة وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الذي كان يشارك في الاجتماع. وبعدما كرّست المقاومة معادلة «التهجير بالتهجير»، بقصفها مدينة عسقلان المحتلة رداً على استهداف المدنيين في غزة، ذكرت وسائل إعلام عبرية أن جيش الاحتلال يدرس إخلاء 40 ألف مستوطن من المدينة بسبب تعرّضها لرشقات صاروخية يومية.
حافظت المقاومة على وتيرة قصفها الصاروخي تجاه المناطق المحتلة


وعاد بلينكن أمس إلى الأراضي المحتلة، مجدّداً، في زيارته الثانية منذ بدء الحرب، القول إن «(الإسرائيليين) سيحظون دائماً بدعم الولايات المتحدة»، وذلك بعد أن أجرى تحرّكات مكّوكية في أربع من الدول العربية الخمس التي تقيم علاقات دبلوماسية مع الاحتلال، وهي الأردن ومصر والإمارات والبحرين، فضلاً عن زيارته قطر والسعودية. وسعى بلينكن، خلال جولته، من دون أن ينجح في ذلك، إلى حشد التأييد لإسرائيل في وجه «حماس»، ولجم أيّ انتقادات قد تتصاعد إزاء الجرائم الإسرائيلية المتواصلة في غزة، والتي وصل عدد ضحاياها إلى ‎ 2778شهيداً على الأقل، ونحو 10 آلاف جريح. وقال وزير الحرب الإسرائيلي، يوآف غالانت، بعد لقائه بلينكن: «لقد أكدتُ وسأؤكد للوزير أن هذه الحرب هي حرب سننتصر فيها، لأن شعب إسرائيل يجب أن ينتصر. لن نوقف الحرب حتى نحقّق الإنجازات ونكمل المهمة التي يجب على دولة إسرائيل إنجازها». أما هذه المَهمة، فكان حدّدها «كابينت الحرب» بعدّة أهداف، من بينها إسقاط حكومة «حماس» وتدمير قدراتها العسكرية، وإزالة ما سمّاه «التهديد» من قطاع غزة، وبذل أقصى جهد لحل قضية الرهائن، و«حماية حدود البلاد ومواطنيها». وبعدما وقّع أعضاء «الكابينت» على تعهّدات بعدم تسريب مداولات المجلس، كي لا ينفضح تعمّق الخلافات داخله، خرجت إلى العلن تحذيرات عدّة موجّهةٌ إلى جيش الاحتلال من عواقب تنفيذه العملية البرّية التي توعّد المقاومة بها.
هكذا، ومع بدء ظهور بوادر انقسام في المؤسسة العسكرية الإسرائيلية بشأن خطّتها لإدارة المعركة، سارعت واشنطن مجدّداً إلى إظهار دعمها لتل أبيب، وذلك في إطار التغطية على هذا التخبّط من جهة، و«تخويف» أعداء إسرائيل ومنعهم من استغلاله من جهة أخرى. وبعد أن وجّهت الولايات المتحدة حاملة الطائرات «يو أس أس جيرالد فورد» إلى مياه شرق المتوسط، وهدّدت بتوجّه أخرى، هي «دوايت أيزنهاور»، أفاد مسؤولون أميركيون، صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، بأن بلادهم تتحضّر لنشر نحو 2000 جندي «لدعم إسرائيل»، وأنه «ليس المقصود من إرسالهم الخدمة في دور قتالي».