منذ بداية الحرب على غزّة، تكبّد اقتصاد العدو الإسرائيلي خسائر كبيرة على الصعيد المباشر وغير المباشر. فبالإضافة إلى الخسائر المادية، في مستوطنات غلاف غزة والمستوطنات التي تعرّضت لرشقات المقاومة الصاروخية، والتي بلغت نحو 1.5 مليار شيكل (375 مليون دولار) بحسب الإعلام الإسرائيلي، هناك خسائر أخرى، إذ ساهمت الحرب في توقف الحركة الاقتصادية في جزء كبير من الكيان الإسرائيلي، ولا سيما المستوطنات الجنوبية، ما انعكس سلباً على أداء الشركات والمؤسسات العاملة. وبحسب تقديرات رابطة المصنعين في إسرائيل، بلغت الخسائر حتى الآن نحو مليار دولار.
أنقر على الرسم البياني لتكبيره

وقد ترجم التوقف في الحركة الاقتصادية بانخفاض في الإنفاق عبر البطاقات الائتمانية، ما يدل على تراجع الاستهلاك في اقتصاد الكيان منذ بداية الحرب. ويترتب على ذلك خسائر في حركة المبيعات، وبالتالي تراجعاً في الأداء الاقتصادي على الصعيد الكلّي. وإذا طال هذا الأمر، فقد ينجم عنه زيادات في معدلات البطالة. فحين يجفّ الطلب في السوق، تقوم الشركات والمؤسسات بخفض العرض. بمعنى آخر، تعمد هذه الشركات الى خفض وتيرة إنتاجها (سواء للخدمات أو البضائع)، ما يسهم في إقدامها على تسريح الموظفين. وهذا أمر وارد إذا طالت مدّة الحرب. والجدير بالذكر أن أكثر القطاعات المتأثّرة بانخفاض الإنفاق هما قطاعا الألبسة والأحذية، اللذان انخفض حجم الاستهلاك فيهما بنسبة 75%. كما انخفض الاستهلاك في قطاع الأثاث والأجهزة المنزلية بنسبة 61%. من ناحية أخرى، يبدو أن المجتمع الإسرائيلي يتهيّأ لحرب طويلة، إذ ارتفع استهلاك الغذاء بنسبة 45%، ما يُشير إلى حركة تخزين لهذه السلع، وهو أمر ظاهر من خلال فقدان بعض البضائع الأساسية من رفوف المحال التجارية.
كذلك تكبّد الاقتصاد الإسرائيلي خسائر في قطاعات أخرى ذات أهمية، مثل السياحة، إذ توقف جزء كبير من حركة الطيران إلى إسرائيل، وألغى السياح الأجانب رحلاتهم إليها، كما غادر الكثير من المقيمين في الأراضي المحتلة. وقد تبيّن ذلك من خلال الارتفاع في الإنفاق الاستهلاكي على قطاع الطيران بنسبة 90%.
تحاول الحكومة الإسرائيلية أن تغطّي جزءاً من هذه الخسائر عبر السياسات المالية والنقدية، إذ وضعت وزارة المالية برنامجاً للتعويض عن الخسائر الماديّة، وعمدت إلى إصدار سندات دين جديدة لتغطي العجز المتوقّع في الموازنة العامّة بسبب الحرب. كما قام المصرف المركزي بالتحرّك لدعم الشيكل مع بداية الحرب، ومن المُقدّر أن يقوم بخفض معدلات الفائدة لتحريك العجلة الاقتصادية. إلا أن هذه السياسات لا تأتي بشكل مجاني، لأن زيادة الدين وخفض معدلات الفائدة هما إجراءان لهما انعكاسات سلبية أخرى.