وبالرغم من الاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة على سوريا، سواء عبر استهداف المطارات، أو مراكز الأبحاث أو بطاريات الدفاع الجوي والرادارات، لم تقُم دمشق بأي رد مباشر على هذه الاعتداءات، معلنةً تمسّكها بحقّ الرد، في وقت بدأت تشهد فيه القواعد العسكرية الأميركية تصعيداً واضحاً عبر شنّ هجمات صاروخية أو عبر إغارة مُسيّرات عليها، طاولت بشكل أساسي مراكز القيادة في قاعدة «كونيكو» شمال شرقي البلاد، وقاعدة التنف، بالتزامن مع هجمات مماثلة متصاعدة تتعرّض لها القواعد الأميركية في العراق. وعلى إثر هذا التصعيد، أعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إرسال مزيد من منظومات الدفاع الجوي لتحصين قواعدها، آخرها دفعة من منظمة «ثاد» وكتائب إضافية من أنظمة «باتريوت» إلى الشرق الأوسط، ما يؤكد استشعار واشنطن المخاطر المتزايدة التي باتت تتعرّض لها قواعدها في المنطقة.
الإجراءات الأميركية الجديدة، والتي تتزامن مع إرسال قطع بحرية إلى المتوسط لـ«حماية إسرائيل»، ووضع عدد غير محدد من القوات في حالة الاستعداد للانتشار في إطار خطط الطوارئ، تهدف بالإضافة إلى تقديم الدعم غير المحدود للكيان الإسرائيلي في عدوانه على الفلسطينيين في حرب الإبادة القائمة، بعد أن تمكنت المقاومة الفلسطينية في السابع من الشهر الحالي من توجيه ضربة تُعتبر الأقسى للكيان منذ حرب تشرين 1973، إلى منع أي دول أخرى من التدخل في هذه الحرب. هكذا، مهّدت الولايات المتحدة الطريق أمام إسرائيل لتكثيف هجماتها على سوريا، تارةً بذريعة الرد على قذائف أُطلقت من الأراضي السورية قرب الشريط الحدودي مع الأراضي المحتلة جنوباً، وتارة أخرى بذريعة قطع طرق الإمداد الإيرانية، في سياق محاولات تحويل مجريات الأحداث من حرب إبادة تنفّذها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني، إلى سياق آخر يدور حول وجود صراع إسرائيلي - إيراني في المنطقة.
تزامن العدوان الجديد مع هجمات شنّتها مجموعات تابعة لتنظيم «داعش» على مواقع للجيش السوري في بادية حمص
وبدا لافتاً في العدوان الجديد، تزامنه مع هجمات شنّتها مجموعات تابعة لتنظيم «داعش» على مواقع للجيش السوري في بادية حمص الممتدة إلى منطقة التنف، وهي هجمات بدأت تشهد تصعيداً متواصلاً منذ انطلاق معركة «طوفان الأقصى» في فلسطين، وبلغت ذروتها خلال الأيام الثلاثة الماضية مع تعرّض القواعد الأميركية لاستهدافات نفّذتها المقاومة. وفيما تتّهم دمشق وموسكو القوات الأميركية بتقديم الدعم لمقاتلي تنظيم «داعش» المنتشرين في البادية، والذين يعملون وفق تكتيك بات يُطلق عليه اسم «الذئاب المنفردة»، في إشارة إلى تقسيمهم إلى مجموعات صغيرة تعمل بشكل منفرد وتشنّ هجمات مباغتة قبل أن تنسحب إلى مخابئ سرية في البادية، يعمل الجيش السوري وبدعم من سلاح الجو الروسي على رصد تلك المجموعات واستهدافها ضمن عمليات تمشيط مستمرة.
في هذا الوقت، ذكرت مصادر ميدانية، تحدثت إلى «الأخبار»، أن طائرات الاستطلاع السورية والروسية رصدت، خلال اليومين الماضيين، تحركات متزايدة للفصائل «الجهادية» في الشمال السوري، في إطار الاستعداد لشنّ هجمات مباغتة في أرياف حلب وإدلب واللاذقية. وكان الجيش السوري نفّذ عمليات استهداف وُصفت بـ«الدقيقة»، طاولت مواقع انتشار الفصائل قرب قرية كفرتعال في ريف حلب الغربي، وفي منطقة جبل الزاوية في ريف إدلب، ومنطقة السرمانية في منطقة سهل الغاب المحاذية للريف اللاذقية، بالإضافة إلى إسقاط مُسيّرتين تابعتين للفصائل «الجهادية»، وهي تحركات تربطها دمشق بالتحركات الإسرائيلية.