من استجابات محدودة في الأيام الأولى للحرب على غزة، إلى ردود فعل غير قابلة للإحصاء... يمكن تقسيم تفاعل النجوم المصريين مع العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني إلى مرحلتين زمنيتين: قبل مجزرة «مستشفى المعمداني»، وبعدها. كما يمكن أن يصنّف من حيث الاتجاه إلى مستويين: الأول تفاعل داعم للنظام المصري وموقفه من الأحداث، والثاني داعم للقضية الفلسطينية نفسها، بعيداً عن أي حسابات سياسية.إن تراجع الأصوات الداعمة للقضية الفلسطينية بعد انفجار «طوفان الأقصى» في الوسط الفني المصري، يعود إلى كثير من الأسباب والتفسيرات. هناك نجوم اعتادوا الابتعاد عن السياسة في السنوات العشر الأخيرة بسبب المتغيّرات الكبرى التي شهدتها المنطقة والمحروسة بكل تأكيد. آخرون أدركوا سريعاً أن أيّ آراء مناصرة لحركة «حماس»، قد تُغضب أبو ظبي والرياض، وكلاهما حالياً قبلة النجوم المصريين لتعويض انخفاض الأجور في «هوليود الشرق».


كما أنّ الحرب الخاطفة التي شنّتها المقاومة على الكيان الصهيوني، أدهشت الجميع ولم تعطهم الفرصة الكافية للاستيعاب وفهم ما جرى، وسط توقّعات بأن لا يمتدّ الانتقام الإسرائيلي أبعد من المعتاد. لكن ما حدث كان أفظع من أسوأ السيناريوات، فقد بات لاعب المنتخب المصري ونادي «ليفربول»، محمد صلاح، نموذجاً خاف نجوم آخرون من تكراره. هكذا، سارعوا - بعد مذبحة «مستشفى المعمداني» - إلى تفادي استدعاءات الجمهور الذي بات يبحث عن الأسماء التي تضامنت مع غزة والأسماء التي اعتصمت بالصمت، بل حتى عن صورة هذا التضامن. والدليل أنهم لم يقبلوا تبرّع محمد صلاح لـ«الهلال الأحمر المصري»، واستمرت الانتقادات حتى خرج في فيديو يدعو فيه للحفاظ على «الأرواح البريئة»، قبل أن يظهر تأثيره الجمّ في مباراة «ليفربول» الأخيرة، إذ امتلأت مدرجات الملعب بأعلام فلسطين. عمرو دياب انضم إلى قائمة الفنانين الذين خشوا الدخول في القائمة المحظورة، فسارع بعد المذبحة، إلى إعلان تبرّعه بخمسة ملايين جنيه (161 ألف دولار أميركي)، ورفع علم فلسطين على حساباته الرسمية، كذلك ألغى بعض حفلاته التي كانت مقررة من بينها حفلة في دبي، لتتوالى بعدها ردات الفعل، خصوصاً مع تصاعد أزمة منع العبور للمساعدات إلى غزة لأيام عدة، ووقوف الشاحنات عاجزة عن الحركة أمام معبر رفح وسط دعم من النظام المصري للهجوم على الموقف الإسرائيلي. ما جعل نقيب المهن التمثيلية أشرف زكي وعدداً من أعضاء مجلس النقابة، يذهبون إلى رفح في حملة دعم، وهم أنفسهم الذين أجّلوا اليوم التضامني مع غزة عشرة أيام كاملة. فنانون آخرون اختاروا التفاعل مع حملات تجهيز الإغاثات. مع جمعية «الهلال الأحمر»، ظهرت ياسمين صبري، وأسماء جلال، وهنا الزاهد، وزينة وولديها من أحمد عز، لكن من دون ظهور وجهيهما كالعادة. ومع جمعية «مصر الخير»، تواجدت الممثلة أمينة خليل، وعمر الشناوي، وتيام قمر، ومريم الخشت، كلّهم طالبوا الجمهور بالمثل، والمشاركة بالمال أو الجهد والوقت من أجل تجهيز المساعدات الذاهبة إلى أهالينا المحاصرين في غزة. آخرون قرّروا التبرّع بمداخيل الحفلات للمحاصرين مثل محمد حماقي، فيما ألغيت حفلات عدة لأنغام، ورامي صبري ومطرب الراب عفروتو. لكنّ أنغام تحديداً لم تكتفِ بالحفلة الملغاة فقط، بل دخلت في صدام مباشر عبر منصة X مع «المتحدّث باسم جيش الاحتلال» أفيخاي أدرعي، الذي يخصص جُل وقته لاستفزاز المشاهير العرب (الأخبار 23/10/2023). حصلت أنغام على تصفيق حادّ من المتابعين، لأنها وجّهت عبارات قوية لأدرعي، قبل أن تفاجأ بتلقيها «رسالة تهديد» من رقم إسرائيلي، يكرر صاحبه العبارات نفسها التي يحذّر منها النظام المصري، وهي «رغبة الدولة العبرية في أن تكون سيناء وطناً بديلاً لإسرائيل»!
بات محمد صلاح نموذجاً خاف نجوم آخرون من تكراره


من جهته، نشر شريف منير فيديو لحفيدته لارا، وهي تشارك في جهود تعبئة المساعدات. وارتدى أحمد حلمي الكوفية الفلسطينية في صورته الرسمية عبر الفايسبوك. كما شارك مطرب الراب ويجز، في تظاهرة منددة بالعدوان الإسرائيلي في لندن. وعبر اليونيسيف، بعثت منى زكي ودنيا سمير غانم، رسالة استغاثة لإنقاذ مليون طفل في غزة من الأوضاع الكارثية والموت المحقّق. في المقابل، أُعلن عن إلغاء عدد من المهرجانات المصرية. تراجع الفنانون الذين يقدّمون أعمالاً مسرحية وتلفزيونية، خطوات إلى الخلف وتوقّفت معظم حملات الترويج لتلك الأعمال. فقد بات التعامل مع ردود فعل الجمهور المشيدة بها، على استحياء مراعاة للأحداث. وسط هذا كله، غرّد فنان وحيد منفرداً في سياق معاكس، وهو محمد رمضان. قدم الأخير سلسلة من ردّات الفعل المهتزة والمستفزة على مدار أسبوع كامل، بداية، من نشر فيديوات لا يتناسب محتواها مع الأحداث، ثم برّر عدم تأجيل حفلاته بسبب التعاقدات. لاحقاً، أطلق فيديو ينتقد فيه الجيوش العربية، وصولاً إلى حذف ستوري يعلن فيه عن تخصيص أرباح حفلته في أبو ظبي لدعم غزة، ثم أعاد النشر بعد حذف كلمة أبو ظبي، في إشارة واضحة لرفض إماراتي... ليضيف رمضان لقباً جديداً إلى سلسلة ألقابه الذاتية وهو «نمبر وان في السير عكس الاتجاه».