ويبيّن أن «بعض الفصائل، ومنها عصائب أهل الحق، تتحفّظ على قضية التصعيد وقصف القواعد الأميركية، كونها الأقرب إلى موقف الحكومة الرسمي، بينما كتائب حزب الله والنجباء وسيد الشهداء تتبنّى موقفاً مناهضاً للاحتلال الأميركي، ولهذا حصل انشقاق، ورفَض الأخيرون موقف السوداني». ويلفت القيادي إلى أن «مواقف الحكومة جاءت للتهدئة، في ظلّ ضغوط ربّما أتت من واشنطن وسفيرتها في بغداد، لوقف هجمات المقاومة العراقية التي قد تجرّ الأوضاع إلى حرب أخرى».
من جهته، يرى عضو الهيئة السياسية لـ«حركة النجباء»، فراس الياسر، أن «الحكومة تتعرّض لابتزاز وضغط من قِبل الولايات المتحدة، نتيجة ما تتبنّاه المقاومة الإسلامية من مواقف رافضة لبقاء قواتها على الأراضي العراقية، ولا سيما بعد قصف قواعدها بشكل دقيق ومباشر من قِبل المقاومة». ويلفت الياسر، في تصريح إلى «الأخبار»، إلى أنه «بحسب معلوماتنا وتدقيقنا، فإن الولايات المتحدة تستخدم العراق كمعسكر أو غرفة عمليات لإسرائيل ضدّ الشعب الفلسطيني، وبالتالي صار واجباً علينا أن ندخل على خطّ الأزمة وبقوة من خلال توجيه ضربات ضدّ الأميركيين». وفي ما يتعلّق بالموقف من الحكومة، يقول الياسر «إننا كحركة النجباء، أشدنا بكلمة رئيس الوزراء في قمّة القاهرة، والتي كانت مشرّفة لكلّ العراقيين ووضع فيها النقاط على الحروف»، مستدركاً بأنه «وبعد بيانات مكتب السوداني الإعلامي، كان موقفنا منه مختلفاً، وهو عدم مجاملة الاحتلال»، مضيفاً «نعرف جيداً حجم الضغوط التي يتعرّض لها السوداني». وبحسب الياسر، فإن «هناك تسويفاً في تنفيذ قرار البرلمان بإخراج جميع القوات الأميركية من العراق، ونعتقد أن الوقت مناسب جداً، لأن رئيس الوزراء (السابق مصطفى) الكاظمي لم يقوَ على تنفيذ القرار. أمّا الآن، فالكلّ يطالب بإخراجهم، ولذا، على الحكومة ألّا تتأخّر كثيراً».
واشنطن أبلغت السوداني أنها ستضرب الفصائل عسكرياً إذا بقيت تقصف منشآتها
ويرى المحلّل السياسي، عبد الله الكناني، بدوره، أن «تصعيد الفصائل ضدّ قوات الاحتلال الأميركي أربك العلاقة بين بغداد وواشنطن. فالأخيرة طلبت من رئيس الحكومة حماية كاملة لمصالحها من الفصائل. والفصائل تضغط على السوداني لإخراج تلك القوات بناءً على قرار البرلمان السابق». ويقول الكناني، لـ«الأخبار»، إن «بيانات الحكومة الأخيرة أزعجت الفصائل، وهناك انتقادات داخل الإطار التنسيقي للسوداني، فضلاً عن اتهامه بمجاملة الأميركيين على حساب دماء الشهداء».
ويشير الكناني إلى أن «واشنطن أبلغت السوداني أنها ستضرب الفصائل عسكرياً إذا بقيت تتمادى وتقصف منشآتها في البلاد، وهذا ما جعل رئيس الحكومة يسعى إلى الحدّ من دور الفصائل، لمنعها من الاشتباك مع القواعد الأميركية». ورفعت الولايات المتحدة حالة التأهّب إلى الدرجة القصوى في قواعدها في سوريا والعراق تحسّباً لهجمات صاروخية أقوى ضدّها تطلقها «المقاومة الإسلامية في العراق»، والتي تبنّت، خلال الأيام الماضية، عدداً من الهجمات بالصواريخ والمسيّرات على تلك القواعد. وشملت حملة الاستهدافات بالطائرات المسيّرة وصواريخ «غراد»، قواعد «عين الأسد» و«الحرير» و«فيكتوريا» في العراق، و«التنف» و«المالكية» و«كونيكو» في سوريا.