طهران | يتصدّر العدوان المتواصل على قطاع غزة، للأسبوع الثالث، اهتمامات الجمهورية الإسلامية، ولا سيما على المستوى الديبلوماسي، حيث شارك وزير الخارجية، حسين أمير عبد اللهيان، في الاجتماع الطارئ للجمعية العامة للأمم المتحدة، والذي انعقد في نيويورك، أوّل من أمس، وذلك في ظلّ تزايد احتمالات توسّع الأزمة. وقال أمير عبد اللهيان إن "ما يهمّنا هو الوقف الفوري لجرائم الحرب والإبادة الجماعية ضدّ المدنيين في غزة والضفة الغربية، وإرسال المساعدات الإنسانية بشكل فوري وواسع النطاق، ومكافحة التهجير القسري لسكان غزة". وكان المرشد الأعلى الإيراني، السيد علي الخامنئي، قد أكد، الأربعاء، أن "الولايات المتحدة شريك أكيد في الجرائم الصهيونية في غزة"، وأن "يدها منغمسة وملطّخة حتى المرفق في دم المظلومين والأطفال والمرضى والنساء". وإلى المواقف الرسمية والتصريحات التي يدلي بها المسؤولون الإيرانيون حول هذه الحرب، فإن المعاهد ومراكز البحوث والدراسات تتناول بالتحليل أبعادها المختلفة، وتطرح آراء ووجهات نظر مختلفة في شأنها، ولا سيما حول سيناريواتها ومآلاتها المحتملة.ويمثّل الهجوم البرّي الإسرائيلي المحتمل على غزة، أحد المواضيع التي تحظى باهتمام بالغ من جانب الأوساط السياسية والتحليلية في إيران، والتي ترى أن إجراءً من هذا النوع ينطوي على مخاطر جمّة سيتحمّلها الإسرائيليون، و"يمكن أن يصبّ الزيت على نار الحرب في المنطقة"، وهو ما حذّر منه المسؤولون الإيرانيون مراراً، خلال الأيام الأخيرة. وفي هذا الإطار، تتوقّع "مؤسّسة النور للدراسات الاستراتيجية" القريبة من "فيلق القدس"، في مقال لرئيسها سعد الله زارعي، أن تُمنى إسرائيل بهزيمة في حال إقدامها على الهجوم البري، مذكّرةً بأن "أرييل شارون، رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك، سَحب بذُلّ وهوان، قواته العسكرية من غزة عام 2005، بينما لم يكن قطاع غزة يمتلك في ذلك الحين قوات عسكرية منسجمة ومتماسكة، بل إن الناس كانوا قد أذلّوا بيد خالية، الجيش الإسرائيلي المدجّج بالسلاح. والآن، فقد ازداد عدد سكان غزة بنحو مليون نسمة، وتشكّلت فيها عدّة منظّمات فلسطينية قوية، وصارت مزوّدة بعشرات الكتائب القتالية وأنواع الأسلحة الثقيلة، إلى درجة أنها أصبحت قادرة على قصف إيلات في أقصى الجنوب، وصولاً إلى صفد ونهاريا في أقصى شمال المناطق الخاضعة لاحتلال الكيان الغاصب، وبالتالي تشريد مئات الآلاف من اليهود، أو جعلهم حبيسي الملاجئ". ويشكّل "امتلاك غزة جيشاً متمرّساً وغير متماثل"، و"دعم الشعب والمجموعات الفلسطينية في الضفة الغربية والقدس الشرقية لغزة"، فضلاً عن "التحالف العلني لحزب الله مع المجموعات الفلسطينية في القطاع، وجهوزيته لإنزال ضربة بإسرائيل" عوامل وأسباباً تفتح، والكلام لسعد الله زارعي، "أبواب الجحيم على إسرائيل، إذا هاجمت غزة برّاً".
قال المرشد الإيراني إن «|الولايات المتحدة شريك أكيد في الجرائم الصهيونية في غزة»


إمكانية الحرب مع إيران
إلى جانب ما تَقدّم، تكثر الأسئلة حول احتمال وقوع حرب مباشرة بين أميركا وإسرائيل من جهة، وإيران من جهة أخرى. وفي هذا الإطار، يستبعد حسين علائي، محلّل الشؤون العسكرية والقائد الأسبق لسلاح البحر في "الحرس الثوري"، في حوار مع موقع "جماران" الإلكتروني، أن تدخل واشنطن وتل أبيب في حرب مباشرة مع طهران، ذلك أن "الاشتباك مع إيران يعني توسيع رقعة الحرب، وجعلها غير قابلة للتكهّن على صعيد المنطقة. وإذا امتدّت هذه الحرب إلى إيران، فذلك يعني بطبيعة الحال أن التصعيد الأمني سيندلع في جميع المدن داخل الأرض المحتلّة، حيث سنشهد تساقط الصواريخ على مدار الساعة على تل أبيب، عاصمة الكيان الصهيوني، واندلاع الاشتباكات والخسائر ووقوع الأضرار وهروب اليهود. ومن ناحية أخرى، فإن دخول حزب الله، الحرب، سيقسم الجبهة الإسرائيلية إلى جبهتَين كبيرتَين، ويضعفها بالتالي؛ لذلك، يبدو أن الكيان الصهيوني وأميركا، في صدد ممارسة الضغوط الدعائية والنفسية على القوات الداعمة لجبهة المقاومة، وأيضاً الدول الداعمة لهذه الجبهة حتى تتمكّنا من خلال بثّ القلق والخوف من إفساح المجال للمزيد من اضطهاد أهالي غزة وتشديد القصف".

السيناريوات المحتملة
من جهته، يقدّم "المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية في إيران"، الذي يُعدّ واحداً من أهمّ مراكز الدراسات في الجمهورية الإسلامية، والذي يرأسه كمال خرازي، المستشار الحالي للمرشد الأعلى، والوزير الأسبق للخارجية، أربعة سيناريوات يوردها محمد مهدي طاهري. الأول، يتمثّل في استمرار الحرب حتى القضاء بالكامل على أحد الطرفَين. وبحسب هذا السيناريو، فإن الحرب تخرج عن كونها ثنائية بين "حماس" والكيان الصهيوني، وتتّجه، كما نموذج الحربَين العالميتَين الأولى والثانية، نحو الاستقطابات الإقليمية والدولية. والثاني هو "أَكَرنة" الحرب بين إسرائيل و"حماس"، أي أن أيّ دولة لا تتدخّل مباشرة في الحرب لدعم أيٍّ من الطرفين المتحاربَين، لكنّها تقدّم بشكل سرّي أو علني، الدعم المالي والاستخباري والعسكري واللوجستي لأحدهما. أمّا السيناريو الثالث، فيتمثّل في قبول مشاريع السلام المعروضة من مختلف الدول، بما فيها الولايات المتحدة، وروسيا، ومنظّمات من مثل "منظمة التعاون الإسلامي"، غير أن مشاريع كهذه لن تحظى بقبول أحد الطرفين عادةً، ولا تمتلك ضمانات وآليات تنفيذية لكونها منحازة. والسيناريو الرابع، كما يقول طاهري، هو ترك "حماس" والكيان الصهيوني يتقاتلان، كلّ وفق إمكاناته وقدراته؛ والهدف من هذا السيناريو، الذي طُبّق خلال الأسابيع الأخيرة إلى حدّ ما، هو ردّ الاعتبار والتعويض عن الضربة الاستخبارية التي تلقّاها الكيان الصهيوني.