مع استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة، يُسجَّل في دولة الاحتلال ارتفاع حادّ في التوجّه إلى طلب الدعم النفسي، خصوصاً من الجنود والضبّاط الذين نجوا من هجوم «حماس» في السابع من تشرين الأول، أو ما يُعرف إسرائيلياً باسم «السبت الأسود»، وباتوا أسيري التجارب «القاسية» التي عايشوها والمشاهد التي تركها الهجوم في مخيّلاتهم. ووفقاً لموقع «واللا»، فإن أكثر طلبات الدعم النفسي قدّمها جنود يخدمون في الوحدات المختلفة في «فرقة غزة»، وقيادة الجنوب، وكذلك جنود خُطف أفراد أسرهم أو قتلوا.وطبقاً لمعطيات رسمية أصدرها جيش الاحتلال أمس، فقد طرأ ارتفاع حادّ في عدد الجنود والمجنّدات، الضبّاط والضابطات، الذين طالبوا بالحصول على دعمٍ نفسي في أعقاب الهجوم. وأعلن الجيش أنه «كخطوة أولى، سُرّح الجنود الذين يعانون من الصدمة، من منظومات ووحدات مختلفة، إلى بيوتهم من أجل أن يحظوا بالراحة»، لافتاً إلى أنه «بعد تسريحهم، أُجريت معهم محادثات هاتفية ولقاءات مع قادتهم من أجل إعادتهم إلى الخدمة العسكرية، وطولب الجنود بمشاركة ما يعايشونه. وبعد هذه المحادثات واللقاءات، التي شارك فيها مستشارون تنظيميون وضباط الصحة النفسية، تقرّر تمويل العلاج النفسي لكلّ من يعاني من ضائقة نفسية واضحة بسبب المشاهد الصعبة والقصص المروّعة التي عايشها، وبينها خسارة الأصدقاء والأقارب».
كذلك، نقل «واللا» عن الجنود وذويهم قولهم إنه «يوجد ضغط كبير جدّاً في هيئات الصحة النفسية التابعة لقسم الصحة في الجيش، وذلك بسبب الارتفاع الحادّ في طلبات الدعم النفسي». كما نُقل عن أحد الجنود الذي لم يكشف اسمه، والذي تواجد في أحد المواقع التي هاجمها مقاتلو «حماس»، قوله: «رأيتُ رفاقي وقائدي بين مصابين وقتلى، لقد نجوتُ بأعجوبة... أنا لا أنجح في النوم منذ ذلك الحين، بسبب الصور والمشاهد التي لا تغادر ذاكرتي، وأشعر أنني بحاجة إلى أن أتحدّث طوال الوقت كي أُخرج من داخلي كلّ الفظائع التي عايشتها». وأضاف: «لن أعود إلى هُناك، ورفاقي الذين نجا قسم منهم لا يريدون التحدّث عمّا حدث. القادة والضباط أساساً في صدمة، وفي البداية تحدّثوا معنا، ولكن الحديث لم يكن ذا جدوى». وتابع: «حتى عندما يستجيبون لطلبنا، فإن هناك دوراً طويلاً عليك الانتظار فيه، كما يبدو أن الأشخاص الذين عليهم معالجتنا لا يعرفون بالضبط ما الذي عليهم فعله. لقد فحصوا معنا إمكانية العودة إلى الوحدات... ولكن أنا شخصيّاً قلتُ لهم لن أعود. هذا مستحيل».
جندي إسرائيلي: رأيتُ رفاقي وقائدي بين المصابين والقتلى ولا أنجح في النوم منذ ذلك الحين


وقال أحد ذوي الجنود، بدوره، «(إنني) أعرف عن مجال اضطراب ما بعد الصدمة، من الواضح أنه يَجري الحديث عن كمّية كبيرة جدّاً من الجنود الذين مروّا بنوع من أنواع الصدمة، الذين رأوا أو قاتلوا، أو مرّوا بكوابيس، أو أنهم مثلاً عايشوا تجربة أُصيب فيها رفاقهم». وأضاف: «إننا كأهل نتوقّع أن تكون هناك مساعدة لأبنائنا، نحن نعرف أن هناك ضغطاً هائلاً على المنظومة الصحّية، ولكن لماذا لا تستعين وزارة الأمن بأطباء صحّة نفسية من خارج المنظومة؟ لا يجب الانتظار للتعامل مع هذا الأمر. عليهم إيجاد حلّ عاجل».
إلى ذلك، نقل الموقع عن متحدّث باسم الجيش قوله إنه «منذ بدء الحرب، زدنا عدد الأطبّاء النفسيين العسكريين في القيادة الجنوبية، من أجل تقديم الاستجابة اللازمة لاحتياجات الجنود الموجودين في الميدان»، مضيفاً أنه «منذ بدء الحرب، فتحنا مقرّ طوارئ يعمل على مدار 24/7»، فيما قال مصدر عسكري «رسمي وموثوق» لم يسمّه «واللا»: «(إنّنا) أعددنا طاقماً للاهتمام بآثار الحرب، وأنشأنا مركزاً لإعادة التأهيل، وهما يقدّمان الاستجابة اللازمة والمميّزة للجنود الذين يعايشون تلك الآثار»، مضيفاً أن «80% من الجنود الذين تلقّوا الدعم النفسي عادوا إلى الميدان للمشاركة في الحرب».