بغداد | فتحت التهديدات الأميركية بتصعيد عسكري ضدّ المقاومة في سوريا والعراق، ولا سيما بعد الضربات التي استهدفت منشآت بالقرب من بلدة البوكمال السورية على الحدود العراقية، ليل الخميس - الجمعة، الوضع على مزيد من التوتّر، خصوصاً وسط تلويح «الحشد الشعبي» بتوجيه ضربات أكثر قوة واتّساعاً إلى القوات الأميركية في العراق. كما تنعكس هذه التهديدات غضباً شعبياً وسياسياً عبّر عنه زعيم «التيار الصدري»، مقتدى الصدر، حين دعا الحكومة ومجلس النواب العراقيَين إلى اتّخاذ قرار بغلق السفارة الأميركية في بغداد. وبعد سلسلة الهجمات التي شنّتها «المقاومة الإسلامية في العراق» على عدد من القواعد العسكرية الأميركية في العراق وسوريا، تسود التوقّعات لدى الأوساط الأمنية المراقبة العراقية، بأن تعمد الولايات المتحدة إلى تصعيد عسكري واقتصادي في البلدَين، وهذا ما وُجد مصداقه ابتداءً في ضربات شنّتها القوات الأميركية على منشأتَين في سوريا قالت إنهما تعودان إلى «الحرس الثوري» الإيراني.وفي أعقاب هذه الضربات، برزت مؤشّرات إلى أن «المقاومة الإسلامية في العراق» قد تبادر إلى شنّ هجمات عسكرية غير مسبوقة ضدّ المصالح الأميركية في سوريا والعراق، فيما كشفت «كتائب حزب الله» عن نيّتها استهداف «قواعد العدو تدريجياً وبمساحات أوسع، إذا استمرّت المجازر ضدّ الأبرياء في غزة»، مطالبةً، في بيان، برفع الحصار عن القطاع ووقف عمليات التهجير داخله. وردّاً على الوحشية الإسرائيلية المستمرّة في غزة، بدعم أميركي كامل، طالب الصدر، أمس، في تغريدة على منصة «X»، الحكومة والبرلمان العراقيَين، بالتصويت على قرار يقضي بغلق سفارة الولايات المتحدة في بغداد، مهدّداً بأنه في حال لم تستجب الحكومة، فسيكون له موقف آخر سيعلَن عنه في وقت لاحق. وكانت قد شدّدت الولايات المتحدة من إجراءاتها الأمنية في العراق، سواءً داخل قواعدها العسكرية في شمال البلاد وغربها، أو في سفارتها وملحقياتها الديبلوماسية في بغداد.
وفي هذا السياق، يؤكد القيادي في «الحشد الشعبي»، ماجد الشولي، أن «المقاومة العراقية ستقف بوجه الاحتلال الأميركي. وفي حال صعّدت أميركا أو استهدفت أيّ مكان في العراق، فسيكون للمقاومة ردّ حاسم ضدّ أماكن تواجد الولايات المتحدة في البلاد». ويشير الشولي، في تصريح إلى «الأخبار»، إلى أن «عمليات المقاومة هي جزء من مهمة الدفاع عن فلسطين والمنطقة من الاحتلال. ولذا، لن نتوقّف عن شنّ مثل هذه الهجمات ضدّ الاحتلال، حتى يَخرج من أرضنا عبر قرار البرلمان أو بسلاح المقاومة وقوتها». ويجزم بأن «الردّ الأميركي سيقابله ردّ أعنف من المقاومة. ونحن لا نتهرّب من المواجهة. وقد طردناهم سابقاً، وستكون هذه فرصة لطردهم مجدّداً». ويرى أن «الولايات المتحدة هدفها إحداث الفوضى في العراق، وافتعال الأزمات. ولا نستبعد تجويع العراق وفرض حصار، لكن في الوقت الحالي، وبوجود المقاومة، سيكون العراق في موقف القوي لمقارعة الاحتلال ومحاربته للخلاص منه ومن إسرائيل، وتحرير فلسطين من براثن الكيان وأفعاله الإجرامية».
طالب الصدر الحكومة والبرلمان بقرار يقضي بغلق السفارة الأميركية و«إلّا سيكون لنا موقف آخر»


من جانبه، يعتقد الباحث في الشأن السياسي، أمير الساعدي، أن «الولايات المتحدة لا تريد أن تُدخل نفسها الآن في لعبة القط والفأر مع فصائل المقاومة العراقية»، مضيفاً، في تصريح إلى «الأخبار»، «أنها لا تريد أن تفتح أكثر من جبهة على نفسها». ويتوقّع الساعدي أنه «في حال استهداف بعض الفصائل العراقية بضربات أميركية، فستكون هناك ضربات أكبر وعلى مساحة أوسع، وقد تصل إلى عمق الكيان الصهيوني ردّاً على تلك الهجمات الأميركية». ويلفت إلى أن «الولايات المتحدة أدخلت نفسها في مشاركة مباشرة مع الكيان في حربه على غزة، علماً أن فصائل المقاومة أعلنت سابقاً أن أيّ تدخل أميركي سيتيح لها استخدام القوة كلّها للردّ على قواعد واشنطن المتواجدة في العراق وسوريا».
أمّا الخبير الأمني، جاسم الموسوي، فيرى أن «التصعيد الأميركي سيأخذ أبعاداً أخرى قد تكون عسكرية، وغير ذلك»، موضحاً، في تصريح إلى «الأخبار»، أن «ردّ واشنطن سيكون على مستوى الاقتصاد والمال وفرض عقوبات على شخصيات سياسية، وأيضاً التلاعب بسعر صرف الدولار». ويعتقد أن «المعركة المقبلة هي معركة صفرية، ما يعني أنه لا يمكن لأحد أن يقبل الهدنة والتفاوض بين الأطراف المتنازعة»، مضيفاً أن «الخيار العسكري بالنسبة إلى الفصائل هو الوحيد. ولذا، فسيكون ردّها حتمياً على القواعد الأميركية». ولا يستبعد أن «يكون هناك تصعيد وشيك بين المقاومة والولايات المتحدة، لكن ربّما تسعى حكومة محمد شياع السوداني إلى أن تهدّئ الأوضاع، ولا سيما أن هناك اتصالات مع الإدارة الأميركية لطمأنتها إلى حماية بعثاتها وقواتها». ويختتم الموسوي بالقول إن «الولايات المتحدة لديها خيارات متعدّدة في مواجهة الفصائل، ولكنها أحرجت السوداني بحمايتها، وهذا يدلّل على أن هناك تحركات أميركية كبيرة في المنطقة، بخاصة في سوريا والعراق نظراً إلى وجود مقرّات للمقاومة فيهما».